تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٤٦
وقرئ شرعة بفتح الشين قيل فيه دليل على أنا غير متعبدين بشرائع من قبلنا والتحقيق أنا متعبدون بأحكامها الباقية من حيث أنها أحكام شرعتنا لا من حيث أنها شرعة للأولين «ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة» متفقة على دين واحد في جميع الأعصار من غير اختلاف بينكم وبين من قبلكم من الأمم في شيء من الأحكام الدينية ولا نسخ ولا تحويل ومفعول المشيئة محذوف تعويلا على دلالة الجزاء عليه أي ولو شاء الله أن يجعلكم أمة واحدة لجعلكم الخ وقيل المعنى لو شاء الله اجتماعكم على الإسلام لأجبركم عليه «ولكن ليبلوكم» متعلق بمحذوف يستدعيه النظام أي ولكن لم يشأ ذلك أي لأن يجعلكم أمة واحدة بل شاء ما عليه السنة الإلهية الجارية فيما بين الأمم ليعاملكم معاملة من يبتليكم «في ما آتاكم» من الشرائع المختلفة المناسبة لأعصارها وقرونها هل تعملون بها مذعنين لها معتقدين أن اختلافها بمقتضى المشيئة الإلهية المبنية على أساس الحكم البالغة والمصالح النافعة لكم في معاشكم ومعادكم أو تزيغون عن الحق وتتبعون الهوى وتستبدلون المضرة بالجدوى وتشترون الضلالة بالهدى وبهذا اتضح أن مدار عدم المشيئة المذكورة ليس مجرد الابتلاء بل العمدة في ذلك ما أشير إليه من انطواء الاختلاف على ما فيه مصلحتهم معاشا ومعادا كما ينبئ عنه قوله عز وجل «فاستبقوا الخيرات» أي إذا كان الأمر كما ذكر فسارعوا إلى ما هو خير لكم في الدارين من العقائد الحقة والأعمال الصالحة المندرجة في القرآن الكريم وابتدروها انتهاز للفرصة وإحرازا لسابقة الفضل والتقدم ففيه من تأكيد الترغيب في الإذعان للحق وتشديد التحذير عن الزيغ ما لا يخفى وقوله تعالى «إلى الله مرجعكم» استئناف مسوق مساق التعليل لاستباق الخيرات بما فيه من الوعد والوعيد وقوله تعالى «جميعا» حال من ضمير الخطاب والعامل فيه إما المصدر المنحل إلى حرف مصدري وفعل مبني للفاعل أو مبني للمفعول وإما الاستقرار المقدر في الجار «فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون» أي فيفعل بكم من الجزاء الفاصل بين المحق والمبطل ما لا يبقى لكم معه شائبة شك فيما كنتم فيه تختلفون في الدنيا وإنما عبر عن ذلك بما ذكر لوقوعه موقع إزالة الاختلاف التي هي وظيفة الإخبار «وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم» عطف على الكتاب أي أنزلنا إليك الكتاب والحكم بما فيه والتعرض لعنوان إنزاله تعالى غياه لتأكيد وجوب الامتثال بالأمر أو على الحق أي أنزلناه بالحق وبأن احكم وحكاية إنزال الأمر بهذا الحكم بعد ما مر من الأمر الصريح بذلك تأكيد له وتمهيد لما يعقبه من قوله تعالى «واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك» أي يصرفوك عن بعضه ولو كان أقل قليل بتصوير الباطل بصورة الحق وإظهار الاسم الجليل لتأكيد الأمر بتهويل الخطب وأن بصلته بدل اشتمال من ضميرهم أي احذر فتنتهم أو مفعول له أي
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302