تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٣٠١
النظم الكريم على حذف المضاف والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم للإيذان بأن توفيقه صلى الله عليه وسلم للجواب على الوجه المذكور من باب التربية والإرشاد ومعنى كونه عنده تعالى خاصة انه تعالى قد استأثر به بحيث لم يخبر به أحدا من ملك مقرب أو نبي مرسل وقوله تعالى «لا يجليها لوقتها إلا هو» بيان لاستمرار تلك الحالة إلى حين قيامها وإقناط كلي عن إظهار أمرها بطريق الإخبار من جهته تعالى أو من جهة غيره لاقتضاء الحكمة التشريعية إياه فإنه ادعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية كما أن إخفاء الأجل الخاص للإنسان كذلك والمعنى لا يكشف عنها ولا يظهر للناس أمرها الذي تسألونني عنه إلا هو بالذات من غير أن يشعر به أحد من المخلوقين فيتوسط في إظهاره لهم لكن لا بأن لا يخبرهم بوقتها قبل مجيئه كما هو المسؤول بل بأن يقيمها فيشاهدوها عيانا كما يفصح عنه التجلية المنبئة عن الكشف التام المزيل للإبهام بالكلية وقوله تعالى لوقتها أي في وقتها قيد للتجلية بعد ورود الاستثناء عليها لا قبله كأنه قيل لا يجليها إلا هو في وقتها إلا أنه قدم على الاستثناء للتنبيه من أول الأمر على أن تجليتها ليست بطريق الإخبار بوقتها بل بإظهار عينها في وقتها الذي يسألون عنه وقوله تعالى «ثقلت في السماوات والأرض» استئناف كما قبله مقرر لمضمون ما قبله أي كبرت وشقت على أهلهما من الملائكة والثقلين كل منهم أهمه خفاؤها وخروجها عن دائرة العقول وقيل عظمت عليهم حيث يشفقون منها ويخافون شدائدها وأهوالها وقيل ثقلت فيهما إذ لا يطيقها منهما ومما فيهما شيء أصلا والأول هو الأنسب بما قبله وبما بعده من قوله تعالى «لا تأتيكم إلا بغتة» فإنه استئناف مقرر لمضمون ما قبله فلا بد من اعتبار الثقل من حيث الخفاء أي لا تأتيكم إلا فجأة على غفلة كما قال صلى الله عليه وسلم إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقوم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه «يسألونك كأنك حفي عنها» استئناف مسوق لبيان خطئهم في توجيه السؤال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء على زعمهم أنه صلى الله عليه وسلم عالم بالمسؤول عنه أو أن العلم بذلك من مواجب الرسالة إثر بيان خطئهم في أصل السؤال بأعلام شأن المسؤول عنه والجملة التشبيهية في محل النصب على أنها حال من الكاف جئ بها بيانا لما يدعوهم إلى السؤال على زعمهم وإشعارا بخطئهم في ذلك أي يسألونك مشبها حالك عندهم بحال من هو حفي عنها أي مبالغ في العلم بها فعيل من حفي وحقيقته كأنك مبالغ في السؤال عنها فإن ذلك في حكم المبالغة في العلم بها لما أن من بالغ في السؤال عن الشيء والبحث عنه استحكم علمه به ومبنى التركيب على المبالغة والاستقصاء ومنه إحفاء الشارب واحتفاء البقل أي استئصاله والإحفاء في المسألة أي الإلحاف فيها وقيل عن متعلقة بيسألونك وقوله تعالى كأنك حفي معترض وصلة حفي محذوفة أي حفي بها وقد قرىء كذلك وقيل هو من الحفاوة بمعنى البر والشفقة فإن قريشا قالوا له صلى الله عليه وسلم إن بيننا وبينك قرابة فقل لنا متى الساعة والمعنى يسألونك كأنك تتحفى بهم فتخصهم بتعليم وقتها لأجل القرابة وتزوى أمرها عن غيرهم ففيه تخطئة لهم من جهتين وقيل هو من حفي بالشيء بمعن فرح به والمعنى كأنك فرح بالسؤال عنها تحبه مع أنك كاره له لما أنه تعرض لحرم الغيب الذي استأثر الله عز وجل بعلمه «قل إنما علمها عند الله» أمر صلى الله عليه وسلم بإعادة الجواب الأول تأكيدا للحكم وتقريرا له وإشعارا بعلته على الطريقة البرهانية بإيراد اسم الذات المنبىء عن
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302