تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٣٠٦
ببيان مساواته للسكوت الدائم المستمر وما قيل من أن الخطاب للمسلمين والمعنى وإن تدعوا لمشركين إلى الهدى إي الإسلام لا يتبعوكم الخ مما يساعده سياق النظم الكريم وسياقه أصلا على أنه لو كان كذلك لقيل عليهم مكان عليكم كما في قوله تعالى سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم فإن استواء الدعاء وعدمه إنما هو بالنسبة إلى المشركين لا بالنسبة إلى الداعين فإنهم فائزون بفضل الدعوة «إن الذين تدعون من دون الله» تقرير لما قبله من عدم اتباعهم لهم أي إن الذين تعبدونهم من دونه تعالى من الأصنام وتسمونهم آلهة «عباد أمثالكم» أي مماثلة لكن لكن لا من كل وجه بل من حيث إنها مملوكة لله عز وجل مسخرة لأمره عاجزة عن النفع والضرر وتشبيهها بهم في ذلك مع كون عجزها عنهما أظهر وأقوى من عجزهم إنما هو لاعترافهم بعجز أنفسهم وادعائهم لقدرتها عليهما إذ هو الذي يدعوهم إلى عبادتها والاستعانة بها وقوله تعالى «فادعوهم فليستجيبوا لكم» تحقيق لمضمون ما قبله بتعجيزهم وتبكيتهم أي فادعوهم في جلب نفع أو كشف ضر «إن كنتم صادقين» في زعمكم أنهم قادرون على ما أنتم عاجزون عنه وقوله تعالى «ألهم أرجل يمشون بها» الخ تبكيت إثر تبكيت مؤكد لما يفيده الأمر التعجيزي من عدم الاستجابة ببيان فقدان آلاتها بالكلية فإن الاستجابة من الهياكل الجسمانية إنما تتصور إذا كان لها حياة وقوى محركة ومدركة وما ليس له شيء من ذلك فهو بمعزل من الأفاعيل بالمرة كأنه قيل ألهم هذه الآلات التي بها تتحقق الاستجابة حتى يمكن استجابتهم لكم وقد وجه الإنكار إلى كل واحدة من هذه الآلات الأربع على حده تكريرا للتبكيت وتثنية للتقريع إشعارا بأن انتفاء كل واحدة منها بحيالها كاف في الدلالة على استحالة الاستجابة ووصف الأرجل بالمشي بها للإيذان بأن مدار الإنكار هو الوصف وإنما وجه إلى الأرجل لا إلى الوصف بأن يقال أيمشون بأرجلهم لتحقيق أنها حيث لم يظهر منها ما يظهر من سائر الأرجل فهي ليست بأرجل في الحقيقة وكذا الكلام فيما بعده من الجوارح الثلاث الباقية وكلمة أم في قوله تعالى «أم لهم أيد يبطشون بها» منقطعة وما فيها من الهمزة لما مر من التبكيت والإلزام وبل للإضراب المفيد للانتقال من فن من التبكيت بعد تمامه إلى فن آخر منه لما ذكر من المزايا والبطش الأخذ بقوة وقرئ يبطشون بضم الطاء وهي لغة فيه والمعنى بل ألهم أيد يأخذون بها ما يريدون أخذه وتأخير هذا عما قبله لما أن المشي حالهم في أنفسهم والبطش حالهم بالنسبة إلى الغير وأما تقديمه على قوله تعالى «أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها»
(٣٠٦)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302