تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٩٨
وأحكامه لا نفسه كما يلوح به تغيير التعبير بتوحيد الضمير مع ما فيه من الافتنان المنبىء عن مزيد الاعتناء بمضمون الكلام لابتنائه على تجديد القصد والعزيمة وأما إن ذلك للإشعار بأنه بمحض التقدير الإلهي والاستدراج بتوسط المدبرات فمبناه دلالة نون الفظيعة على الشركة وأنى ذلك وإلا لاحترز عن إيرادها في قوله تعالى ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم الآية بل إنما إيرادها في أمثال هذه الموارد بطريق الجريان على سنن الكبرياء «إن كيدي متين» تقرير للوعيد وتأكيد له أي قوي لا يدافع بقوة ولا بحيلة والمراد به إما الاستدراج والإملاء مع نتيجتهما التي هي الأخذ الشديد على غرة فتسميته كيدا لما أن ظاهره لطف وباطنه قهو وإما نفس ذلك الأخذ فقط فالتسمية لكون مقدماته كذلك وأما أن حقيقة الكيد هو الأخذ على خفاء من غير أن يعتبر فيه إظهار خلاف ما أبطنه فمما لا تعويل عليه مع عدم مناسبته للمقام ضرورة استدعائه لاعتبار القيد المذكور حتما «أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة» كلام مبتدأ مسوق لإنكار عدم تفكرهم في شأنه صلى الله عليه وسلم وجعلهم بحقيقة حاله الموجبة للإيمان به وبما أنزل عليه من الآيات التي كذبوا بها والهمزة للإنكار والتعجيب والتوبيخ والواو للعطف على مقدر يستدعيه سياق النظم الكريم وسياقه وما إما استفهامية إنكارية في محل الرفع بالابتداء والخبر بصاحبهم وإما نافية اسمها جنة وخبرها بصاحبهم والجنة من المصادر التي يراد بها الهيئة كالركبة والجلسة وتنكيرها للتقليل والتحقير والجملة معلقة فعل التفكر لكونه من أفعل القلوب ومحلها على الوجهين النصب على نزع الجار أي أكذبوا بها ولم يتفكروا في أي شيء من جنون ما كائن بصاحبهم الذي هو أعظم الأمة الهادية بالحق وعليه أنزلت الآيات أوفى أنه ليس بصاحبهم شيء من جنة حتى يؤديهم التفكر في ذلك إلى الوقوف على صدقه وصحة نبوته فيؤمنوا به وبما أنزل عليه من الآيات وقيل قد تم الكلام عند قوله تعالى أولم يتفكروا أي أكذبوا بها ولم يفعلوا التفكر ثم ابتدىء فقيل أي شيء بصاحبهم من جنة ما على طريقة الإنكار والتعجيب والتبكيت أو قيل ليس بصاحبهم شيء منها والتعبير عنه صلى الله عليه وسلم بصاحبهم للإيذان بأن طول مصاحبتهم له صلى الله عليه وسلم مما يطلعهم على نزاهته صلى الله عليه وسلم عن شائبة ما ذكر ففيه تأكيد للنكير وتشديد له والتعرض لنفي الجنون عنه صلى الله عليه وسلم مع وضوح استحالة ثبوته له صلى الله عليه وسلم لما أن التكلم بما هو خارق لقضية العقول والعادات لا يصدر إلا عمن به مسن من الجنون كيفما اتفق من غير أن يكون له أصل ومعنى أو عمن له تأييد إلهي يخبر به عن الأمور الغيبية وإذ ليس به صلى الله عليه وسلم شائبة الأول تعين أنه صلى الله عليه وسلم مؤيد من عند الله تعالى وقيل إنه صلى الله عليه وسلم علا الصفات ليلا فجعل يدعو قريضا فخذا فخذا يحذرهم بأس الله تعالى فقال قائلهم إن صاحبكم هذا لمجنون بات يهوت إلى الصباح فنزلت فالتصريح بنفي الجنون حينئذ الرد على عظيمتهم الشنعاء والتعبير عنه صلى الله عليه وسلم بصاحبهم وارد على شاكلة كلامهم مع ما فيه من النكتة المذكورة وقوله تعالى «إن هو إلا نذير مبين» جملة مقررة لمضمون ما قبلها ومبينة لحقيقة حاله صلى الله عليه وسلم على منهاج قوله تعالى إن هذا إلا ملك كريم بعد قوله تعالى ما هذا بشرا أي ما هو إلا مبالغ في الإنذار مظهر له غاية الإظهار إبراز لكمال الرأفة
(٢٩٨)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302