تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٩٩
ومبالغة في الأعذار وقوله تعالى «أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض» استئناف آخر مسوق للإنكار والتوبيخ بإخلالهم بالتأمل في الآيات التكوينية المنصوبة في الآفاق والأنفس الشاهدة بصحة مضمون الآيات المنزلة إثر مانعي عليهم إخلالهم بالتفكر في شأنه صلى الله عليه وسلم والهمزة لما ذكر من الإنكار والتعجب والتوبيخ والواو للعطف على المقدر المذكور أو على الجملة المنفية بلم والملكوت الملك العظيم أي أكذبوا بها أو ألم يتفكروا فيما ذكر ولم ينظروا نظر تأمل فيما يدل عليه السماوات والأرض من عظم الملك وكمال القدرة «وما خلق الله» أي وفيما خلق فيهما على أنه عطف على ملكوت وتخصيصه بهما لكما ظهور عظم الملك فيهما أو وفي ملكوت ما خلق على أنه عطف على السماوات والأرض والتعميم لاشتراك الكل في الدلالة على عظم الملك في الحقيقة وعليه قوله تعالى فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وقوله تعالى «من شيء» بيان لما خلق مفيد لعدم اختصاص الدلالة المذكورة بجلائل المصنوعات دون دقائقها والمعنى أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق فيهما من جليل ودقيق مما ينطلق عليه اسم الشيء ليدلهم ذلك على العلم بوحدانيته تعالى وبسائر شؤونه التي ينطق بها تلك الآيات فيؤمنوا بها لاتحادهما في المدلول فإن كل فرد من أفراد الأكوان مما عزوهان دليل لائح على الصانع المجيد وسبيل واضح إلى عالم التوحيد وقوله تعالى «وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم» عطف على ملكوت وأن مخففه من أن واسمها ضمير الشأن وخبرها عسى مع فاعلها الذي هو أن يكون واسم يكون أيضا ضمير الشأن والخبر قد اقترب أجلهم والمعنى أو لم ينظروا في أن الشأن عسى أن يكون الشأن قد اقترب أجلهم وقد جوز أن يكون اسم يكون أجلهم وخبرها قد اقترب على أنها جملة من فعل وفاعل هو ضمير أجلهم لتقدمه حكما وأيا ما كان فمناط الإنكار والتوبيخ تأخيرهم للنظر والتأمل أي لعلم يموتون عما قريب فمالهم لا يسارعون إلى التدبر في الآيات التكوينية الشاهدة بما كذبوه من الآيات القرآنية وقد جوز أن يكون الأجل عبارة عن الساعة والإضافة إلى ضميرهم لملابستهم لها من جهة إنكارهم لها وبحثهم عنها وقوله تعالى «فبأي حديث بعده يؤمنون» قطع الاحتمال إيمانهم رأسا ونفي له بالكلية مترتب على ما ذكر من تكذيبهم بالآيات وإخلالهم بالتفكر والنظر والباء متعلقة بيؤمنون وضمير بعده للآيات على حذف المضاف المفهوم من كذبوا والتذكير باعتبار كونها قرآنا أو بتأويلها بالمذكور وإجراء الضمير مجرى اسم الإشارة والمعنى أكذبوا بها ولم يتفكروا فيما يوجب تصديقها من أحواله صلى الله عليه وسلم وأحوال المصنوعات فبأي حديث يؤمنون بعد تكذيبه ومعه مثل هذه الشواهد القوية كلا وهيهات وقيل الضمير للقرآن والمعنى فبأي حديث بعد القرآن يؤمنون إذا لم يؤمنوا به وهو النهاية في البيان وقيل هو إنكار وتبكيت لهم مترتب على إخلالهم بالمسارعة إلى التأمل فيما ذكر كأنه قيل لعل أجلهم قد اقترب
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302