بالحسنات والسيئات» بالنعم والنقم «لعلهم يرجعون» عما كانوا فيه من الكفر والمعاصي «فخلف من بعدهم» أي من بعد المذكورين «خلف» أي بدل سوء مصدر نعت به ولذلك يقع على الواحد والجمع وقيل جمع وهو شائع في الشر والخلف بفتح اللام في الخير والمراد به الذين كانوا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم «ورثوا الكتاب» أي التوراة من أسلافهم يقرءونها ويقفون على ما فيها «يأخذون عرض هذا الأدنى» استئناف مسوق لبيان ما يصنعون بالكتاب بعد وراثتهم إياه أي يأخذون حطام هذا الشيء الأدنى أي الدنيا وهو من الدنو أو الدناءة والمراد به ما كانوا يأخذونه من الرشا في الحكومات وعلى تحريف الكلام وقيل حال من واو ورثوا «ويقولون سيغفر لنا» ولا يؤاخذنا الله تعالى بذلك ويتجاوز عنه والجملة تحتمل العطف والحالية والفعل مسند مسند إلى الجار والمجرور أو مصدر يأخذون «وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه» حال من الضمير في لنا أي يرجعون المغفرة والحال أنهم مصرون على الذنب عائدون إلى مثله غير تائبين عنه «ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب» اي الميثاق الوارد في الكتاب «أن لا يقولوا على الله إلا الحق» عطف بيان للميثاق أو متعلق به أي بأن لا يقولوا الخ والمراد به الرد عليهم والتوبيخ على بتهم القول بالمغفرة بلا توبة والدلالة على أنها افتراء على الله تعالى وخروج عن ميثاق الكتاب «ودرسوا ما فيه» عطف على ألم يؤخذ من حيث المعنى فإنه تقرير أو على ورثوا وهو اعتراض «والدار الآخرة خير للذين يتقون» ما فعل هؤلاء «أفلا تعقلون» فتعلموا ذلك فلا تستبدلوا الأدنى المؤدي إلى العقاب بالنعيم المخلد وقرئ بالياء وفي الالتفات تشديد التوبيخ «والذين يمسكون بالكتاب» اي يتمسكون في أمور دينهم يقال مسك بالشيء وتمسك به قال مجاهد هم الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه تمسكوا بالكتاب الذي جاء به موسى عليه السلام فلم يحرفوه ولم يكتموه ولم يتخذوه مأكلة وقال عطاء هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقرئ يمسكون من الإمساك وقرئ تمسكوا واستمسكوا موافقا لقوله تعالى «وأقاموا الصلاة» ولعل التغيير في المشهور للدلالة على أن التمسك بالكتاب أمر مستمر في جميع الأزمنة بخلاف إقامة الصلاة فإنها مختصة بأوقاتها وتخصيصها بالذكر من بين سائر العبادات لانافتها عليها ومحل الموصول إما الجر نسقا على الذين يتقون وقوله أفلا تعقلون اعتراض مقرر لما قبله وإما الرفع على الابتداء والخبر قوله تعالى «إنا لا نضيع أجر المصلحين» والرابط إما الضمير المحذوف كما هو رأي جمهور البصريين والتقدير أجر المصلحين منهم وإما الألف واللام كما هو رأي الكوفيين فإنه في حكم مصلحيهم كما في قوله تعالى فإن الجنة
(٢٨٨)