خشبة في الساحل ثم شواه يوم الأحد فوجد جاره ريح السمك فتطالع في تنوره فقال له إني أرى الله سيعذبك فلما لم يره عذب أخذ في يوم السبت القابل حوتين فلما رأوا أن العذاب لا يعاجلهم استمروا على ذلك فصادوا وأكلوا وملحوا وباعوا وكانوا نحوا من سبعين ألفا فصار أهل القرية أثلاثا ثلث استمروا على النهي وثلث ملوا التذكير وسئموه وقالوا للواعظين لم تعظون الخ وثلث باشروا الخطيئة فلما لم ينتهوا قال المسلمون نحن لا نساكنكم فقسموا القرية بجدار للمسلمين باب وللمعتدين باب ولعنهم داود عليه السلام فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد فقالوا إن لهم لشأنا فعلوا الجدار فنظروا فإذا هم قردة ففتحوا الباب ودخلوا عليهم فعرفت القدرة أسباءهم من الإنس وهم لا يعرفونها فجعل القرد يأتي نسيبه فيشم ثيابه فيبكي فيقول له نسيبه ألم ننهكم فيقول القرد برأسه بللا ثم ماتوا عن ثلاث وقيل صار الشباة قردة والشيوخ خنازير وعن مجاهد رضي الله عنه مسخت قلوبهم وقال الحسن البصري أكلوا والله أوخم أكلة أكلها أهلها أثقلها خزيا في الدنيا وأطولها عذابا في الآخرة هاه وأيم الله ما حوت أخذه قوم فاكلوه أعظم عند الله من قتل رجل مسلم ولكن الله تعالى جعل موعدا والساعة أدهى وأمر «وإذ تأذن ربك» منصوب على المفعولية بمضمر معطوف على قوله تعالى واسألهم وتأذن بمعنى آذن كما أن توعد بمعنى أوعد أو بمعنى عزم فإن العازم على الأمر يحدث به نفسه وأجري مجرى فعل القسم كعلم الله وشهد الله فلذلك أجيب بجوابه حيث قيل «ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة» أي واذكر لهم وقت إيجابه تعالى على نفسه أن يسلط على اليهود البتة «من يسومهم سوء العذاب» كالإذلال وضرب الجزية وغير ذلك من فنون العذاب وقد بعث الله تعالى عليهم بعد سليمان عليه السلام بخت نصر فخرب ديارهم وقتل مقاتلتهم وسبى نساءهم وذراريهم وضرب الجزية على من بقي منهم وكانوا يؤدونها إلى المجوس حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم ففعل ما فعل ثم ضرب الجزية عليهم فلا تزال مضروبة إلى آخر الدهر «إن ربك لسريع العقاب» يعاقبهم في الدنيا «وإنه لغفور رحيم» لمن تاب وآمن منهم «وقطعناهم» أي فرقنا بني إسرائيل «في الأرض» وجعلنا كل فرقة منهم في قطر من أقطارها بحيث لا تخلوا ناحية منها منهم تكملة لأدبارهم حتى لا تكون لهم شوكة وقوله تعالى «أمما» إما مفعول ثان لقطعنا أو حال من مفعوله «منهم الصالحون» صفة لأمما أو بدل منه وهم الذين آمنوا بالمدينة ومن يسير بسيرتهم «ومنهم دون ذلك» أي ناس دون ذلك الوصف أي منحطون عن الصلاح وهم كفرتهم وفسقتهم «وبلوناهم
(٢٨٧)