تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٩٢
على المضمر العامل في غذ أخذ وارد على نمطه في الأنباء عن الحور بعد الكور والضلالة بعد الهدى أي واتل على اليهود «نبأ الذي آتيناه آياتنا» أي خبره الذي له شأن وخطر وهو أحد علماء بني إسرائيل وقيل هو بلعم بن باعوراء أو بلعام بن باعر من الكنعانيين أوتي علم بعض كتب الله تعالى وقيل هو أمية بن أبي الصلت وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله تعالى مرسل في ذلك الزمان رسولا ورجا أن يكون هو الرسول فلما بعث الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم حسده وكفر به والأول هو الأنسب بمقام التوبيخ اليهود بهناتهم «فانسلخ منها» أي من تلك الآيات انسلاخ الجلد من الشاة ولم يخطرها بباله أصلا أو خرج منها بالكلية بأن كفر بها ونبذها وراء ظهره وأيا ما كان فالتعبير عنه بالانسلاخ المنبىء عن اتصال المحيط بالمحاط خلقة وعن عدم الملاقاة بينهما أبدا للإيذان بكمال مباينته للآيات بعد أن كان بينهما كمال الاتصال «فأتبعه الشيطان» أي تبعه حتى لحقه وأدركه فصار قرينا له وهو المعنى على قراءة فاتبعه من الافتعال وفيه تلويح بأنه أشد من الشيطان غواية أو اتبعه خطواته «فكان من الغاوين» فصار من زمرة الضالين الراسخين في الغواية بعد أن كان من المهتدين وروي أن قومه طلبوا إليه أن يدعو على موسى عليه السلام فقال كيف أدعو على من معه الملائكة فلم يزالوا به حتى فعل فبقوا في التيه ويرده أن التيه كان لموسى عليه السلام روحا وراحة وإنما عذب به بنو إسرائيل وقد كان ذلك بدعائه عليه السلام عليهم كما مر في سورة المائدة «ولو شئنا» كلام مستأنف مسوق لبيان مناط ما ذكر من انسلاخه من الآيات ووقوعه في مهاوي الغواية ومفعول المشيئة محذوف لوقوعها شرطا وكون مفعولها مضمون الجزاء على القاعدة المستمرة أي ولو شئنا رفعه لرفعنا أي إلى المنازل العالية للأبرار العالمين بتلك الآيات والعاملين بموجبها لكن لا بمحض مشيئتنا من غير أن يكون له دخل في ذلك أصلا فإنه مناف للحكمة التشريعية المؤسسة على تعليق الأجزية بالأفعال الاختيارية للعباد بل مع مباشرته للعمل المؤدي إلى الرفع بصرف اختياره إلى تحصيله كما ينبئ عنه قوله تعالى «بها» أي بسبب تلك الآيات بأن عمل بموجبها فإن اختياره وإن لم يكن مؤثرا في حصوله ولا في ترتب الرفع عليه بل كلاهما بخلق الله تعالى لكن خلقه تعالى منوط بذلك البتة حسب جريان العادة الإلهية وقد أشير إلى ذلك في الاستدراك بأن أسند ما يؤدي إلى نقيض التالي إليه حيث قيل «ولكنه أخلد إلى الأرض» مع أن الإخلاد إليها أيضا مما لا يتحقق عند صرف اختياره إليه إلا بخلقه تعالى كأنه قيل ولو شئنا رفعه بمباشرته لسببه لرفعناه بسبب تلك الآيات التي هي أقوى أسباب الرفع ولكن لم نشأه لمباشرته لسبب نقيضه فترك في كل من المقامين ما ذكر في الآخر تعويلا على إشعار المذكور بالمطوي كما في قوله تعالى وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302