الكفار «ليضلون» الناس بتحريم الحلال وتحليل الحرام كعمرو بن لحى وأضرابه وقرئ «يضلون» بأهوائهم الزائغة وشهواتهم الباطلة «بغير علم» مقتبس من الشريعة الشريفة مستند إلى الوحي «إن ربك هو أعلم بالمعتدين» المتجاوزين لحدود الحق إلى الباطل والحلال إلى الحرام «وذروا ظاهر الإثم وباطنه» أي ما يعلن من الذنوب وما يسر أو ما يعمل منها بالجوارح وما بالقلب وقيل الزنا في الحوانيت واتخاذ الأخدان «إن الذين يكسبون الإثم» أي يكتسبونه من الظاهر والباطن «سيجزون بما كانوا يقترفون» كائنا ما كان فلا بد من اجتنابهما والجملة تعليل للأمر «ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه» ظاهر في تحريم متروك التسمية عمدا كان أو نسيانا وإليه ذهب داود وعن أحمد بن جنبل مثله وقال مالك والشافعي بخلافه لقوله صلى الله عليه وسلم ذبيحة المسلم حلال وإن لم يذكر اسم الله عليه وفرق أبو حنيفة بين العمد والنسيان وأوله بالميتة أو بما ذكر عليه اسم غيره تعالى لقوله «وإنه لفسق» فإن الفسق ما أهل به لغير الله والضمير لما ويجوز أن يكون للأكل المدلول عليه بلا تأكلوا والجملة مستأنفة وقيل حالية «وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم» المراد بالشياطين إبليس وجنوده فإيحاؤهم وسوستهم إلى المشركين وقيل مردة المجوس فإيحاؤهم إلى أولياؤهم ما أنهوا إلى قريش بالكتاب أن محمدا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ثم يزعمون أن ما يقتلونه حلال وما يقتله الله حرام «ليجادلوكم» أي بالوساوس الشيطانية أو بما نقل من أباطيل المجوس وهو يؤيد التأويل بالميتة «وإن أطعتموهم» في استحلال الحرام وساعدتموهم على أباطيلهم «إنكم لمشركون» ضرورة أن من ترك طاعة الله إلى طاعة غيره واتبعه في دينه فقد أشركه به تعالى بل آثره عليه سبحانه «أو من كان ميتا» وقرئ ميتا على الأصل «فأحييناه» تمثيل مسوق لتنفير المسلمين عن طاعة المشركين إثر تحذريهم عنها بالإشارة إلى أنهم مستضيئون بأنوار الوحي الإلهي والمشركون خابطون في ظلمات الكفر والطغيان فكيف يعقل إطاعتهم لهم والهمزة للإنكار والنفي والواو لعطف الجملة الاسمية على مثلها الذي يدل عليه الكلام أي أأنتم مثلهم ومن كان ميتا فأعطيناه الحياة وما يتبعها من القوى المدركة والمحركة «وجعلنا له» مع ذلك من الخارج «نورا» عظيما «يمشي به» أي بسببه والجملة استئناف مبني على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل فماذا يصنع بذلك النور فقيل يمشي به «في الناس» أي فيم بينهم آمنا من جهتهم أو صفة له «كمن مثله» أي صفته العجيبة وهو مبتدأ وقوله تعالى «في الظلمات» خبره على أن
(١٨٠)