عليه لإفادة التخصيص كما في قوله تعالى كذلك كنتم من قبل الآية والأول أكابر مجرميها والظرف لغو أي ومثل أولئك الكفرة الذين هم صناديد مكة ومجرموها جعلنا في كل قرية أكابرها المجرمين أي جعلناهم متصفين بصفات المذكورين مزينا لهم أعمالهم مصرين على الباطل مجادلين به الحق ليمكروا فيها أي ليفعلوا المكر فيها وهذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى «وما يمكرون إلا بأنفسهم» اعتراض على سبيل الوعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والوعيد للكفرة أي وما تحيق غائلة مكرهم إلا بهم «وما يشعرون» حال من ضمير يمكرون مع اعتبار ورود الاستثناء على النفي أي إنما يمكرون بأنفسهم والحال أنهم ما يشعرون بذلك أصلا بل يزعمون أنهم يمكرون بغيرهم وقوله تعالى «وإذا جاءتهم آية» رجوع إلى بيان حال مجرمي أهل مكة بعد ما بين بطريق التسلية أن حال غيرهم أيضا كذلك وأن عاقبة مكر الكل ما ذكر فإن العظيمة المنقولة إنما صدرت عنهم لا عن سائر المجرمين أي إذا جاءتهم آية بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا لن نؤمن حتى نؤتى «مثل ما أوتي رسل الله» قال ابن عباس رضي الله عنهما حتى يوحى إلينا ويأتينا جبريل عليه السلام فيخبرنا أن محمدا صادق كما قالوا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا وعن الحسن البصري مثله وهذا كما ترى صريح ي أن ما علق بإيتاء ما أوتي الرسل عليهم الصلاة والسلام هو إيمانهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أنزل إليه إيمانا حقيقيا كما هو المتبادر منه عند الإطلاق خلا أنه يستدعى أن يحمل ما أوتي رسل الله على مطلق الوحي ومخاطبة جبريل عليه السلام في الجملة ة وأن تصرف الرسالة في قوله تعالى «الله أعلم حيث يجعل رسالته» عن ظاهرها وتحمل على رسالة جبريل عليه السلام بالوجه المذكور ويراد بجعلها تبليغها إلى المرسل إليه لا وضعها في موضعها الذي هو الرسول ليتأتى كونه جوابا عن اقتراحهم وردا له بأن يكون معنى الاقتراح لن نؤمن بكون تلك الآية نازلة من عند الله تعالى إلى الرسول حتى يأتينا بالذات عيانا كما يأتي الرسول فيخبرنا بذلك ومعنى الرد الله أعلم من يليق بإرسال جبريل عليه السلام إليه لأمر من الأمور إيذانا بأنهم بمعزل من استحقاق ذلك التشريف وفيه من التمحل ما لا يخفى وقال مقاتل نزلت في أبي جهل حين قال زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا أمنا نبي يوحى إليه والله لا نرضى به ولا نتبعه أبدا حتى يأتينا وحي كما يأتيه وقال الضحاك سأل كل واحد من القوم أن يخص بالرسالة والوحي كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ولا يخفى أن كل واحد من هذين القولين وإن كان مناسبا للرد المذكور لكنه يقتضي أن يراد بالإيمان المعلق بإيتاء ما أوتي الرسل مجرد تصديقهم برسالته عليه الصلاة والسلام في الجملة من غير شمول لكافة الناس وأن تكون كلمة حتى في قول اللعين حتى يأتينا وحي كما يأتيه الخ غاية لعدم الرضا لا لعدم الاتباع فإنه مقرر على تقديري إيتاء الوحي وعدمه فالمعنى لن نؤمن برسالته أصلا حتى نؤتى نحن من الوحي والنبوة مثل ما أوتي رسل الله أو
(١٨٢)