تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٦٩
بانتقال مادته عنه فكيف يمكن أن يكون له ولد وقرئ بديع بالنصب على المدح وبالجر على أنه بدل من الاسم الجليل أو من الضمير المجرور في سبحانه على رأي من يجيزه وارتفاعه في القراءة المشهورة على أنه خبر مبتدأ محذوف أو فاعل تعالى وإظهاره في موضع الإضمار لتعليل الحكم وتوسيط الظرف بينه وبين الفعل للاهتمام ببيانه أو مبتدأ خبره قوله تعالى «أنى يكون له ولد» وهو على الأولين جملة مستقلة مسوقة كما قبلها لبيان استحالة ما نسبوه إليه تعالى وتقرير تنزهه عنه وقوله تعالى «ولم تكن له صاحبة» حال مؤكدة للاستحالة المذكورة فإن انتفاء أن يكون له تعالى صاحبة مستلزم لانتفاء أن يكون له ولد ضرورة استحالة وجود الولد بلا والدة وإن أمكن وجوده بلا والد وانتفاء الأول مما لا ريب فيه لأحد فمن ضرورته انتفاء الثاني أي من أين أو كيف يكون له ولد كما زعموا والحال أنه ليس له على زعمهم أيضا صاحبة يكون الولد منها وقرئ لم يكن بتذكير الفعل للفصل أو لأن الاسم ضميره تعالى والخبر هو الظرف وصاحبة مرتفع به على الفاعلية لاعتماده على المبتدأ أو الظرف خبر مقدم وصاحبة مبتدأ مؤخر والجملة خبر للكون وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون الاسم ضمير الشأن لصلاحية الجملة حينئذ لأن تكون مفسرة لضمير الشأن لا على الوجه الأول لما بين في موضعه أن ضمير الشأن لا يفسر إلا بجملة صريحة وقوله تعالى «وخلق كل شيء» إما جملة مستأنفة أخرى سيقت لتحقيق ما ذكر من الاستحالة أو حال أخرى مقررة لها أي أنى يكون له ولد والحال أنه خلق كل شيء انتظمه التكوين والإيجاد من الموجودات التي من جملتها ما سموه ولدا له تعالى فكيف يتصور أن يكون المخلوق ولدا لخالقه «وهو بكل شيء» من شأنه أن يعلم كائنا ما كان مخلوقا أو غير مخلوق كما ينبئ عنه ترك الإضمار إلى الإظهار «عليم» مبالغ في العلم أزلا وأبدا حسبما يعرب عنه العجول إلى الجملة الاسمية فلا يخفى عليه خافية مما كان وما سيكون من الذوات والصفات والأحوال التي من جملتها ما يجوز عليه تعالى ما لا يجوز من المحالات التي ما زعموه فرد من أفرادها والجملة استئناف مقرر لمضمون ما قبلها من الدلائل القاطعة ببطلان مقالته الشنعاء التي اجترءوا عليها بغير علم «ذلكم» إشارة إلى المنعوت بما ذكر من جلائل النعوت وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو شأن المشار إليه وبعد منزلته في العظمة والخطاب للمشركين المعهودين بطريق الالتفات وهو مبتدأ وقوله تعالى «الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء» أخبار أربعة مترادفة أي ذلك الموصوف بتلك الصفات العظيمة هو الله المستحق للعبادة خاصة مالك أمركم لا شريك له أصلا خالق كل شيء مما كان ومما سيكون فلا تكرار إذ المعتبر في عنوان الموضوع إنما هو خالقيته لما كان فقط كما ينبئ عنه صيغة الماضي وقيل الخبر هو الأول والبواقي أبدال وقيل الاسم الجليل بدل من المبتدأ والبواقي أخبار وقيل يقدر لكل من الأخبار الثلاثة مبتدأ وقيل يجعل الكل بمنزلة اسم واحد وقوله تعالى «فاعبدوه» حكم مترتب على مضمون الجملة فإن من جمع هذه الصفات كان هو المستحق للعبادة خاصة وقوله تعالى «وهو على كل شيء وكيل» عطف على الجملة
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302