تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٧٥
تعالى أيضا كذلك بل بيان استحالة وقوعه بناء على استحالة وقوعها كأنه قيل ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله وهيهات ذلك وحالهم حال بدليل ما سبق من قوله تعالى ونقلب أفئدتهم الآية كيف لا وقوله عز وجل «ولكن أكثرهم يجهلون» استدراك من مضمون الشرطية بعد ورود الاستثناء لا قبله ولا ريب في أن الذي يجهلونه سواء أريد بهم المسلمون وهو الظاهر أو المقسمون ليس عدم إيمانهم بلا مشيئة الله تعالى كما هو اللازم من حمل النظم الكريم على المعنى الأول فإنه ليس مما يعتقده الأولون ولا مما يدعيه الآخرون بل إنما هو عدم إيمانهم لعدم مشيئته إيمانهم ومرجعه إلى جهلهم بعدم مشيئته إياه فالمعنى أن حالهم كما شرح ولكن أكثر المسلمين يجهلون عدم إيمانهم عند مجىء الآيات لجهلهم عدم مشيئته تعالى لإيمانهم فيتمنون مجيئها طمعا فيما لا يكون فالجملة مقررة لمضمون قوله تعالى وما يشعركم الخ على القراءة المشهورة أو ولكن أكثر المشركين يجهلون عدم إيمانهم عند مجىء الآيات لجهلهم عدم مشيئته تعالى لإيمانهم حينئذ فيقسمون بالله جهد ايمانهم على ما لا يكاد يكون فالجملة على القراءة السابقة بيان مبتدأ لمنشأ خطأ المقسمين ومناط إقسامهم وتقرير له على قراءة لا تؤمنون بالتاء الفوقانية وكذا على قراءة ما يشعرهم أنها إذا جاءتهم لا يؤمنون «وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا» كلام مبتدأ مسوق لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان يشاهده من عداوة قريش له عليه الصلاة والسلام وما بنوا عليها مما لا خير فيه من الأقاويل والأفاعيل ببيان أن ذلك ليس مختصا بك بل هو أمر ابتلي به كل من سبقك من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومحل الكاف النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أشير إليه بذلك منصوب بفعله المحذوف مؤكد لما بعده وذلك إشارة إلى ما يفهم مما قبله أي جعلنا لكل نبي عدوا والتقديم على الفعل المذكور للقصر المفيد للمبالغة أي مثل ذلك الجعل الذي جعلنا في حقك حيث جعلنا لك عدوا يضادونك ويضارونك ولا يؤمنون ويبغونك الغوائل ويدبرون في إبطال أمرك مكايد جعلنا لكل نبي تقدمك عدوا فعلوا بهم ما فعل بك أعداؤك لا جعلا أنقص منه وفيه دليل على أن عداوة الكفرة للأنبياء عليهم السلام بخلقه تعالى للابتلاء «شياطين الإنس والجن» أي مردة الفريقين على أن الإضافة بمعنى من البيانية وقيل هي إضافة الصفة إلى الموصوف والأصل الإنس والجن الشياطين وقيل هي بمعنى اللام أي الشياطين التي للإنس والتي للجن وهو بدل من عدوا والجعل متعد إلى واحد أو إلى اثنين وهو أول مفعولية قدم عليه الثاني مسارعة إلى بيان العداوة واللام على التقديرين متعلقة بالجعل أو بمحذوف هو حال من عدوا وقوله تعالى «يوحي بعضهم إلى بعض» كلام مستأنف مسوق لبيان أحكام عداوتهم وتحقيق وجه الشبه بين المشبه والمشبه به أو حال من الشياطين أو نعت لعدوا وجمع الضمير باعتبار المعنى فإنه عبارة عن الأعداء كما في قوله إذا أنا لم أنفع صديقي بوده * فإن عدوي لم يضرهمو بغضي والوحي عبارة عن الإيماء والقول السريع أي يلقى
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302