تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٧٨
المشركين وقيل الخطاب في الحقيقة للأمة وإن كان له صلى الله عليه وسلم صورة وقيل الخطاب لكل أحد على معنى أن الأدلة قد تعاضدت وتظاهرت فلا ينبغي لأحد أن يمتري فيه والفاء على هذه الوجوه لترتيب النهي على نفس علمهم بحال القرآن «وتمت كلمة ربك» شروع في بيان كمال الكتاب المذكور من حيث ذاته إثر بيان كماله من حيث إضافته إليه تعالى بكونه منزلا منه بالحق وتحقيق ذلك بعلم أهل الكتاب به وإنما عبر عنه بالكلمة لأنها الأصل في الاتصاف بالصدق والعدل وبها تظهر الآثار من الحكم وقرئ كلمات ربك «صدقا وعدلا» مصدران نصبا على الحال وقيل على التمييز وقيل على العلة وقوله تعالى «لا مبدل لكلماته» إما استئناف مبين لفضلها على غيرها إثر بيان فضلها في نفسها وإما حال أخرى من فاعل تمت على أن الظاهر مغن عن الضمير الرابط والمعنى أنها بلغت القاصية صدقا في الأخبار والمواعيد وعدلا في الأقضية والأحكام لا أحد يبدل شيئا من ذلك بما هو أصدق وأعدل ولا بما هو مثله فكيف يتصور ابتغاء حكم غيره تعالى «وهو السميع» لكل ما يتعلق به السميع «العليم» بكل ما يمكن أن يعلم فيدخل في ذلك أقوال المتحاكمين وأحوالهم الظاهرة والباطنة دخولا أوليا هذا وقد قيل المعنى لا أحد يقدر على أن يحرفها كما فعل بالتوراة فيكون ضمانا لها من الله عز وجل بالحفظ كقوله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون أو لا نبي ولا كتاب بعدها ينسخها «وإن تطع أكثر من في الأرض» لما تحقق اختصاصه تعالى بالحكمية لاستقلاله بما يوجبها من إنزال الكتاب الكامل الفاصل بين الحق والباطل وتمام صدق كلامه وكمال عدالة أحكامه وامتناع وجود من يبدل شيئا منها واستبداده تعالى بالإحاطة التامة بجميع المسموعات والمعلومات عقب ذلك ببيان أن الكفرة متصفون بنقائض تلك الكمالات من النقائض التي هي الضلال والإضلال واتباع الظنون الفاسدة الناشئ من الجهل والكذب على الله سبحانه وتعالى إبانة لكمال مباينة حالهم لما يرومونه وتحذيرا عن الركون إليهم والعمل بآرائهم والمراد بمن في الأرض الناس وبأكثرهم الكفار وقيل أهل مكة والأرض أرضها أي إن تطعهم بأن جعلت منهم حكما «يضلوك عن سبيل الله» عن الطريق الموصل إليه أو عن الشريعة التي شرعها لعباده «إن يتبعون إلا الظن» وهو ظنهم أن آباءهم كانوا على الحق فهم على آثارهم يهتدون أو جهالاتهم وآراؤهم الباطلة على أن المراد بالظن ما يقابل العلم والجملة استئناف مبني على سؤال نشأ من الشرطية كأنه قيل كيف يضلون فقيل لا يتبعون في أمور دينهم إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا فيضلون ضلالا مبينا ولا ريب في أن الضال المتصدي للإرشاد إنما يرشد غيره إلى مسلك نفسه فهو ضالون مضلون وقوله تعالى «وإن هم إلا يخرصون» عطف على ما قبله داخل في حكمه أي يكذبون على الله سبحانه فيما ينسبون إليه تعالى كاتخاذ الولد وجعل
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302