تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٧٦
ويوسوس شياطين الجن إلى شياطين الإنس أو بعض كل من الفريقين إلى بعض آخر «زخرف القول» أي المموه منه المزين ظاهره الباطل باطنه من زخرفه إذ زينه «غرورا» مفعول له ليوحي أي ليغروهم أو مصدر في موقع الحال أي غارين أو مصدر مؤكد لفعل مقدر هو حال من فاعل يوحى أي يغرون غرورا «ولو شاء ربك» رجوع إلى بيان الشؤون الجارية بينه صلى الله عليه وسلم وبين قومه المفهومة من حكاية ما جرى بين الأنبياء عليهم السلام وبين أممهم كما ينبئ عنه الالتفات والتعرض لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم المعربة عن كمال اللطف في التسلية أي ولو شاء ربك عدم الأمور المذكورة لا إيمانهم كما قيل فإن القاعدة المستمرة أن مفعول المشيئة إنما يحذف عند وقوعها شرطا وكون مفعولها مضمون الجزاء وهو قوله تعالى «ما فعلوه» أي ما فعلوا ما ذكر من عداوتك وإيحاء بعضهم إلى بعض مزخرفات الأقاويل الباطلة المتعلقة بأمرك خاصة لا بما يعمه وأمور الأنبياء عليهم السلام أيضا كما قيل فإن قوله تعالى «فذرهم وما يفترون» صريح في أن المراد بهم الكفرة المعاصرون له عليه الصلاة والسلام أي إذا كان ما فعلوه من أحكام عداوتك من فنون المفاسد بمشيئته تعالى فاتركهم وافتراءهم أو وما يفترونه من أنواع المكايد فإن لهم في ذلك عقوبات شديدة ولك عواقب حميدة لابتناء مشيئته تعالى على الحكم البالغة البتة «ولتصغى إليه» أي إلى زخرف القول وهو على الوجه الأول علة أخرى للإيحاء معطوفة على غرورا وما بينهما اعتراض وإنما لم ينصب لفقد شرطه إذ الغرور فعل الموحى وصغو الأفئدة فعل الموحى إليه أي يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول ليغروهم به ولتميل إليه «أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة» إنما خص بالذكر عدم إيمانهم بالآخرة دون ما عداها من الأمور التي يجب الإيمان بها وهم بها كافرون إشعارا بما هو المدار في صغو أفئدتهم إلى ما يلقى إليهم فإن لذات الآخرة محفوفة في هذه النشأة بالمكاره وآلامها مزينة بالشهوات فالذين لا يؤمنون بها وبأحوال ما فيها لا يدرون أن وراء تلك المكاره لذات ودون الشهوات آلاما وإنما ينظرون إلى ما بدا لهم في الدنيا بادي الرأي فهم مضطرون إلى حب الشهوات التي من جملها مزخرفات الأقاويل ومموهات الأباطيل وأما المؤمنون بها فحيث كانوا واقفين على حقيقة الحال ناظرين إلى عواقب الأمور لم يتصور منهم الميل إلى تلك المزخرفات لعلهم ببطلانها ووخامة عاقبتها وأما على الوجهين الأخيرين فهو علة لفعل محذوف يدل عليه المقام أي ولكون ذلك جعلنا ما جعلنا والمعتزلة جعلوا اللام لام العاقبة أو لام القسم أو لام الأمر وضعفه في غاية الظهور «وليرضوه» لأنفسهم بعد ما مالت إليه أفئدتهم «وليقترفوا» أي يكتسبوا بموجب ارتضائهم له «ما هم مقترفون» له من القبائح التي لا يليق ذكرها «أفغير الله أبتغي حكما» كلام مستأنف وارد على إرادة القول والهمزة
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302