تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٧٢
به وقرئ عدوا يقال عدا يعدو وعدوا وعداء وعدوانا روي أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول قوله تعالى إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم لتنتهين عن سب آلهتنا أو لنهجون إلهك وقيل كان المسلمون يسبونهم فنهوا عن ذلك لئلا يستتبع سبهم سبه سبحانه وتعالى وفيه أن الطاعة إذا أدت إلى معصية راجحة وجب تركها فإن ما يؤدي إلى الشر شر «كذلك» أي مثل ذلك التزيين القوي «زينا لكل أمة عملهم» من الخير والشر بإحداث ما يمكنهم منه ويحملهم عليه توفيقا أو تخذيلا ويجوز أن يراد بكل أمة أمم الكفرة إذا الكلام فيهم وبعملهم شرهم وفسادهم والمشبه به تزيين سب الله تعالى لهم «ثم إلى ربهم» مالك أمره «مرجعهم» أي رجوعهم بالبعث بعد الموت «فينبئهم» من غير تأخير «بما كانوا يعملون» في الدنيا على الاستمرار من السيئات المزينة لهم وهو وعيد بالجزاء والعذاب كقول الرجل لمن يتوعده سأخبرك بما فعلت وفيه نكتة سرية مبنية على حكمة أبية وهي أن كل ما يظهر في هذه النشأة من الأعيان والأعراض فإنما يظهر بصورة مستعارة مخالفة لصورته الحقيقية التي بها يظهر في النشأة الآخرة فإن المعاصي سمون قاتلة قد برزت في الدنيا بصورة ما تستحسنها نفوس العصاة كما نطقت به هذه الآية الكريمة وكذا الطاعات فإنها مع كونها أحسن الأحاسن قد ظهرت عندهم بصورة مكروهة لذلك قال صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات فأعمال الكفرة قد برزت لهم في النشأة بصورة مزينة يستحسنها الغواة ويستحبها الطغاة وستظهر في النشأة الآخرة بصورتها الحقيقية المنكرة الهائلة فعند ذلك يعرفون أن أعمالهم ماذا عبر عن إظهارها بصورها الحقيقة بالإخبار بها لما أن كلا منهما سبب للعلم بحقيقتها كما هي فليتدبر قوله تعالى «وأقسموا بالله» روي أن قريشا اقترحوا بعض آيات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن فعلت بعض ما تقولون أتصدقونني فقالوا نعم وأقسموا لئن فعلته لنؤمنن جميعا فسأل المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلها طمعا في إيمانهم فهم صلى الله عليه وسلم بالدعاء فنزلت وقوله تعالى «جهد أيمانهم» مصدر في موقع الحال أي أقسموا به تعالى جاهدين في أيمانهم «لئن جاءتهم آية» من مقترحاتهم أو من جنس الآيات وهو الأنسب بحالهم في المكابرة والعناد وترامي أمرهم في العتو والفساد حيث كانوا لا يعدون ما يشاهدونه من المعجزات الباهرة من جنس الآيات «ليؤمنن بها» وما كان مرمى غرضهم في ذلك لا التحكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب المعجزة وعدم الاعتداد بما شاهدوا منه من البينات الحقيقة بأن تقطع بها الأرض وتسير بها الجبال «قل إنما الآيات» أي كلها فيدخل فيها ما اقترحوه دخولا أوليا «عند الله» أي أمرها في حكمه وقضائه خاصة يتصرف فيها حسب مشيئته المبنية على الحكم البالغة لا تتعلق بها ولا بشأن من شؤونها قدرة أحد ولا مشيئته لا استقلالا ولا اشتراكا بوجه من الوجوه حتى يمكنني أن أتصدى لاستنزالها بالاستدعاء وهذا كما ترى سد لباب الاقتراح على أبلغ وجه وأحسنه
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302