تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٨٦
إلى قوله تعالى ولوا إلى قومهم منذرين وقوله تعالى «يقصون عليكم آياتي» صفة أخرى لرسل محققة لما هو المراد من إرسال الرسل من التبليغ والإنذار وقد حصل ذلك بالنسبة إلى الثقلين «وينذرونكم» بما هو في تضاعيفها من القوارع «لقاء يومكم هذا» يوم الحشر الذي قد عاينوا فيه ما أعد لهم من أفانين العقوبات الهائلة «قالوا» استئناف مبني على سؤال نشأ من الكلام السابق كأنه قيل فماذا قالوا عند ذلك التوبيخ الشديد فقيل قالوا «شهدنا على أنفسنا» أي بإتيان الرسل وإنذارهم وبمقابلتهم إياهم بالكفر والتكذيب وباستحقاقهم بسبب ذلك للعذاب المخلد حسبما فصل ي حكاية جوابهم عن سؤال خزنة النار حيث قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقد أجمل ههنا في الحكاية كما أجمل في حكاية جوابهم حيث قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين وقوله تعالى «وغرتهم الحياة الدنيا» مع ما عطف عليه اعتراض لبيان ما أداهم في الدنيا إلى ارتكابهم للقبائح التي ارتكبوها وألجأهم بعد ذلك في الآخرة إلى الاعتراف بالكفر واستيجاب العذاب وذم لهم بذلك أي واغتروا في الدنيا بالحياة الدنيئة واللذات الخسيسة الفانية وأعرضوا عن النعيم المقيم الذي بشرت به الرسل واجترءوا على ارتكاب ما يجرهم إلى العذاب المؤبد الذي أنذروهم إياه «وشهدوا» في الآخرة «على أنفسهم أنهم كانوا» في الدنيا «كافرين» أي بالآيات والنذر التي أتى بها الرسل على التفصيل المذكور آنفا واضطروا إلى الاستسلام لأشد العذاب كما ينبئ عنه ما حكى عنهم بقوله تعالى وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير وفيه من تحسيرهم وتحذير السامعين عن مثل صنيعهم ما لا مزيد عليه «ذلك» إشارة إلى ما ذكر من شهادتهم على أنفسهم بالكفر واستيجاب العذاب والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم بطريق التلوين وهو مبتدأ خبره قوله تعالى «أن لم يكن ربك مهلك القرى» بحذف اللام ى أن أن مصدرية أو مخففة من أن وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف وقوله تعالى «بظلم» متعلق إما بمهلك أي بسبب ظلم أو بمحذوف وقع حالا من القرى أي ملتبسة بظلم فإن ملابسة أهلها للظلم ملابسة للقرية له بواسطتهم وأما كونه حالا من ربك أو من ضميره في مهلك كما قيل فيأباه أن غفلة أهلها مأخوذة في معنى الظلم وحقيقته لا محالة فلا يحسن تقييده بقوله تعالى «وأهلها غافلون» والمعنى ذلك ثابت لانتفاء كون ربك أو لأن الشأن لم يكن ربك مهلك القرى بسبب أي ظلم فعلوه من أفراد الظلم قيل أن ينهوا عنه وينبهوا على بطلانه برسول وكتاب وإن قضى به بديهة العقول وينذروا عاقبة جناياتهم أو لولا انتفاء كونه تعالى معذبا لهم قبل إرسال الرسل وإنزال الكتب لما أمكن التوبيخ بما ذكر ولما شهدوا على أنفسهم بالكفر واستيجاب العذاب ولا اعتذروا بعدم إتيان الرسل كما في قوله تعالى ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى وإنما علل ما ذكر بانتفاء التعذيب الدنيوي الذي هو إهلاك القرى قبل الإنذار مع أن التقريب في تعليله بانتفاء مطلق التعذيب من غير بعث الرسل أتم على ما نطق به قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا لبيان كمال
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302