تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٦٨
«وخلقهم» حال من فاعل جعلوا بتقدير قد أو بدونه على اختلاف الرأيين مؤكدة لما في جعلهم ذلك من كمال القباحة والبطلان باعتبار علمهم بمضمونها أي وقد علموا أنه تعالى خالقهم خاصة وقيل الضمير للشركاء أي والحال أنه تعالى خلق الجن فكيف يجعلون مخلوقه شريكا له تعالى وقرئ خلقهم عطفا على الجن أي وما يخلقونه من الأصنام أو على شركاء أي وجعلوا له اختلافهم الإفك حيث نسبوه إليه تعالى «وخرقوا له» أي افتعلوا وافتروا له يقال خلق الإفك واختلقه وخرقه واخترقه بمعنى وقرئ خرقوا بالتشديد للتكثير وقرئ وحرفوا له أي زوروا «بنين وبنات» فقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وقالت طائفة من العرب الملائكة بنات الله «بغير علم» أي بحقيقة ما قالوه من خطأ أو صواب بل رميا بقول عن عمي وجهالة من غير فكر وروية أو بغير علم بمرتبة ما قالوه وأنه من الشناعة والبطلان بحيث لا يقادر قدره والباء متعلقة بمحذوف هو حال من فاعل خرقوا أو نعت لمصدر مؤكد له أي خرقوا ملتبسين بغير علم أو خرقا كائنا بغير علم «سبحانه» استئناف مسوق لتنزيهه عز وجل عما نسبوه إليه وسبحانه علم للتسبيح الذي هو التبعيد عن السوء اعتقادا وقولا أي اعتقاد البعد عنه والحكم به من سبح في الأرض والماء إذا أبعد فيهما وأمعن ومنه فرس سبوح أي واسع الجري وانتصابه على المصدرية ولا يكاد يذكر ناصبه أي أسبح سبحانه أي أنزهه عما لا يليق به عقدا وعملا تنزيها خاصا به حقيقة بشأنه وفيه مبالغة من جهة الاشتقاق من السبح ومن جهة النقل إلى التفعيل ومن جهة العدول عن المصدر الدال على الجنس إلى الاسم الموضوع له خاصة لا سيما العلم المشير إلى الحقيقة الحاضرة في الذهن ومن جهة إقامته مقام المصدر مع الفعل وقيل هو مصدر كغفران لأنه سمع له فعل من الثلاثي كما ذكر في القاموس أريد به التنزه التام والتباعد الكلي ففيه مبالغة من حيث إسناد التنزه إلى ذاته المقدسة أي تنزه بذاته تنزها لائقا به وهو الأنسب بقوله سبحانه «وتعالى» فإنه معطوف على الفعل المضمر لا محالة ولما في السبحان والتعالي من معنى التباعد قيل «عما يصفون» أي تباعد عما يصفونه من أن له شريكا أو ولدا «بديع السماوات والأرض» اي مبدعهما ومخترعهما بلا مثال يحتذيه ولا قانون ينتحيه فإن البديع كما يطلق على المبدع نص عليه أئمة اللغة كالصريخ بمعنى المصرخ وقد جاء بدعه كمنعه بمعنى أنشأه كابتدعه على ما ذكر في القاموس وغيره ونظيره السميع بمعنى المسمع في قوله * أمن ريحانة الداعي السميع وقيل هو من إضافة الصفة المشبهة إلى الفاعل للتخفيف بعد نصبه تشبيها لها باسم الفاعل كما هو المشهور أي بديع سماواته وأرضه من بدع إذا كان على نمط عجيب وشكل فائق وحسن رائق أو إلى الظرف كما في قولهم ثبت الغدر بمعنى أنه عديم النظير فيهما والأول هو الوجه والمعنى أنه تعالى مبدع لقطرى العالم العلوي والسفلي بلا مادة فاعل على الإطلاق منزه عن الانفعال بالمرة والوالد عنصر الولد منفعل
(١٦٨)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302