والضمير المجرور لما يوحى أو لما دل هو عليه من القرآن والمفعول الثاني للإنذار إما العذاب الأخروي المدلول عليه بما في حيز الصلة وإما مطلق العذاب الذي ورد به الوعيد والتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن المالكية المطلقة والتصرف الكلي لتربية المهابة وتحقيق المخافة وقوله تعالى «ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع» في حين النصب على الحالية من ضمير يحشروا ومن متعلقة بمحذوف وقع حالا من اسم ليس لأنه في الأصل صفة له فلما قد عليه انتصب حالا خلا أن الحال الأولى لإخراج الحشر الذي لم يقيد بها عن حيز الخوف وتحقيق أن ما نيط به الخوف هو الحشر على تلك الحالة لا الحشر كيفما كان ضرورة أن المعترفين به الجازمين بنصرة غيره تعالى بمنزلة المنكرين له في عدم الخوف الذي عليه يدور أمر الإنذار وأما الحال الثانية فليست لإخراج الولي الذي لم يقيد بها عن حيز الانتفاء لفساد المعنى لاستلزام ثبوت ولايته تعالى لهم كما في قوله تعالى ومالكم من دون الله من ولي ولا نصير بل لتحقيق مدار خوفهم وهو فقدان ما علقوا به رجاءهم وذلك إنما هو ولاية غيره سبحانه وتعالى في قوله تعالى ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء والمعنى أنذر به الذين يخافون أن يحشروا غير منصورين من جهة أنصارهم على زعمهم ومن هذا اتضح أن لا سبيل إلى كون المراد بالخائفين المفرطين من المؤمنين غذ ليس لهم والي سواه تعالى ليخافوا الحشر بدون نصرته وإنما الذي يخافونه الحشر بدون نصرته وإنما الذي يخافونه الحشر بدون نصرته عز وجل وقوله تعالى «لعلهم يتقون» تعليل للأمر أي أنذرهم مرجوا منهم التقوى «ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي» لما أمر صلى الله عليه وسلم بإنذار المذكورين لينتظموا في سلك المتقين نهي صلى الله عليه وسلم عن كون ذلك بحيث يؤدي إلى طردهم روي أن رؤساء من المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو طردت هؤلاء الأعبد وأرواح جبابهم يعنون فقراء المسلمين كعمار وصهيب وخباب وسلمان وأضرابهم رضي الله تعالى عنهم جلسنا إليك وحادثناك فقال صلى الله عليه وسلم ما أنا بطارد المؤمنين فقالوا فأقمهم عنا إذا جئنا فإذا قمنا فأقعدهم معك إن شئت قال صلى الله عليه وسلم نعم طمعا في إيمانهم وروي أن عمر رضي الله تعالى عنه قال له عليه الصلاة والسلام لو فعلت حتى تنظر إلى ما يصيرون وقيل إن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومطعم بن عدي والحرث بن نوفل وقرصة بن عبيد وعمرو بن نوفل وأشراف بني عبد مناف من أهل الكفر أتوا أبا طالب فقالوا يا أبا طالب لو أن ابن أخيك محمدا يطرد موالينا وحلفاءنا وهم عبيدنا وتقاؤنا كان أعظم في صدورنا وأدنى لاتباعنا إياه فأتى أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بالذي كلموه فقال عمر رضي الله عنه لو فعلت ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون إلى ما يصيرون وقال سلمان وخباب فينا نزلت هذه الآية جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري وعباس بن مرداس وذو وهم من المؤلفة قلوبهم
(١٣٨)