تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١١٠
عن أحد والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها لكن لا على أنها شيء مغاير له في الحقيقة واقع عقيبه أو حاصل بسببه بل على أن الأول وهو عين الثاني حقيقة وإنما الترتيب بحسب التغاير الاعتباري وقد لتحقيق ذلك المعنى كما في قوله تعالى فقد جاءوا ظلما وزورا بعد قوله تعالى وقال الذين كفروا إن هذا الا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فإن ما جاءوه أي فعلوه من الظلم والزور عين قولهم المحكي لكنه لما كان مغايرا له مفهوما وأشنع منه حالا رتب عليه بالفاء ترتيب اللازم على الملزوم تهويلا لأمره كذلك مفهوم التكذيب بالحق حيث كان أشنع من مفهوم الإعراض المذكور أخرج مخرج اللازم البين البطلان فرتب عليه بالفاء إظهارا لغاية بطلانه ثم قيد ذلك بكونه بلا تأمل تأكيدا لشناعته وتمهيدا لبيان أن ما كذبوا به آثر ذي أثير عواقب جليلة ستبدو لهم البتة والمعنى أنهم حيث أعرضوا عن تلك الآيات عند إتيانها فقد كذبوا بما لا يمكن تكذيبه أصلا من غير أن يتدبروا في حاله ومآله ويقفوا على ما في تضاعيفه من الشواهد الموجبة لتصديقه كقوله تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كما ينبئ عنه قوله تعالى «فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون» فإن ما عبارة عن الحق المذكور عبر عنه بذلك تهويلا لأمره بإبهامه وتعليلا للحكم بما في حيز الصلة وأنباؤه عبارة عما سيحيق بهم من العقوبات العاجلة التي نطقت بها آيات الوعيد وفي لفظ الأنباء إيذان بغاية العظم لما أن النبأ لا يطلق إلا على خبر عظيم الوقع وحملها على العقوبات الآجلة أو على ظهور الإسلام وعلو كلمته يأباه الآيات الآتية وسوف لتأكيد مضمون الجملة وتقريره أي فسيأتيهم البتة وإن تأخر مصداق أنباء الشيء الذي كانوا يكذبون به قبل من غير أن يتدبروا في عواقبه وإنما قيل يستهزءون إيذانا بأن تكذيبهم كان مقرونا بالاستهزاء كما أشير إليه هذا على أن يراد بالآيات القرآنية وهو الأظهر وأما إن أريد بها الآيات التكوينية فالفاء داخلة على علة جواب شرط محذوف والإعراض على حقيقته كأنه قيل إن كانوا معرضين عن تلك الآيات فلا تعجب فقد فعلوا بما هو أعظم منها ما هو أعظم من الإعراض حيث كذبوا بالحق الذي هو أعظم الآيات ولا مساغ لحمل الآيات في هذا الوجه على كلها أصلا وأما ما قيل من أن المعنى أنهم لما كانوا معرضين عن الآيات كلها كذبوا بالقرآن فمما ينبغي تنزيه التنزيل عن أمثاله «ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن» استئناف مسوق لتعيين ما هو المراد بالأنباء التي سبق بها الوعيد وتقرير إتيانها بطريق الاستشهاد وهمزة الإنكار لتقرير الرؤية وهي عرفانية مستدعية لمفعول واحد وكم استفهامية كانت أو خبرية معلقة لها عن العمل مفيدة للتكثير سادة مع ما في حيزها مسد مفعولها منصوبة بأهلكنا على المفعولية على أنها عبارة عن الأشخاص ومن قرن مميز لها على أنه عبارة عن أهل عصر من الأعصار سمو بذلك لاقترانهم برهة
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302