تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٧٠
بنون العظمة مع كون التلاوة على لسان جبريل عليه السلام لإبراز كمال العناية بالتلاوة وقرئ يتلوها على إسناد الفعل إلى ضميره تعالى وقوله تعالى «عليك» متعلق بنتلوها وقوله تعالى «بالحق» حال مؤكدة من فاعل نتلوها أو من مفعوله أي ملتبسين أو ملتبسة بالحق والعدل ليس في حكمها شائبة جور بنقص ثواب المحسن أو بزيادة عقاب المسئ أو بالعقاب من غير جرم بل كل ذلك موفى لهم حسب استحقاقهم بأعمالهم بموجب الوعد والوعيد وقوله تعالى «وما الله يريد ظلما للعالمين» تذييل مقرر لمضمون ما قبله على أبلغ وجه وآكده فإن تنكير الظلم وتوجيه النفي إلى إرادته بصيغة المضارع دون نفسه وتعليق الحكم بآحاد الجمع المعرف والالتفات إلى الاسم الجليل إشعارا بعلة الحكم بيان لكمال نزاهته عز وجل عن الظلم بما لا مزيد عليه أي ما يريد فردا من افراد الظلم لفرد من أفراد العالمين في وقت من الأوقات فضلا عن أن يظلمهم فإن المضارع كما يفيد الاستمرار في الإثبات يفيده في النفي بحسب المقام كما أن الجملة الاسمية تدل بمعونة المقام على دوام الثبوت وعند دخول حرف النفي تدل على دوام الانتفاء لا على انتفاء الدوام وفي سبك الجملة نوع إيماء إلى التعريض بأن الكفرة هم الظالمون ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد كما في قوله تعالى «إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون» «ولله ما في السماوات وما في الأرض» أي له تعالى وحده من غير شركة أصلا ما فيهما من المخلوقات الفائتة للحصر ملكا وخلقا إحياء وإماتة وإثابة وتعذيبا وإيراد كلمة ما أما لتغليب غير العقلاء على العقلاء وإما لتنزيلهم منزلة غيرهم إظهارا لحقارتهم في مقام بيان عظمته تعالى «وإلى الله» أي إلى حكمه وقضائه لا إلى غيره شركة أو استقلالا «ترجع الأمور» أي أمورهم فيجازى كلا منهم بما وعد له وأوعده من غير دخل في ذلك لأحد قط فالجملة مقررة لمضمون ما ورد في جزاء الفريقين وقيل هي معطوفة على ما قبلها مقررة لمضمونه فإن كون العالمين عبيده تعالى ومخلوقه ومرزوقه يستدعى إرادة الخير بهم «كنتم خير أمة» كلام مستأنف سيق لتثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الاتفاق على الحق والدعوة إلى الخير وكنتم من كان الناقصة التي تدل على تحقق شئ بصفة في الزمان الماضي من غير دلالة على عدم سابق أو لاحق كما في قوله تعالى «وكان الله غفورا رحيما» وقيل كنتم كذلك في علم الله أو في اللوح أو فيما بين الأمم السالفة وقيل معناه أنتم خير أمة «أخرجت للناس» صفة لأمة واللام متعلقة بأخرجت أي أظهرت لهم وقيل بخير أمة أي كنتم خير الناس فهو صريح في أن الخيرية بمعنى النفع للناس وإن فهم ذلك من الإخراج لهم أيضا أي أخرجت لأجلهم ومصلحتهم قال أبو هريرة رضي الله عنه معناه كنتم خير الناس تأتون بهم في السلاسل فتدخلونهم في الإسلام وقال قتادة هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم يؤمر نبي
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254