تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٧١
قبله بالقتال فهم يقاتلون الكفار فيدخلونهم في الإسلام فهم خير أمة للناس «تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر» استئناف مبين لكونم خير أمة كما يقال زيد كريم يطعم الناس ويكسوهم ويقوم بمصالحهم أو خبر ثان لكنتم وصيغة الاستقبال للدلالة على الاستمرار وخطاب المشافهة وإن كان خاصا بمن شاهد الوحي من المؤمنين لكن حكمة عام للكل قال ابن عباس رضي الله عنهما يريد أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقال الزجاج أصل هذا الخطاب لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعم سائر أمته وروى الترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى «كنتم خير أمة أخرجت للناس» أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى وظاهر أن المراد بكل أمة أوائلهم وأواخرهم لا أوائلهم فقط فلا بد ان تكون أعقاب هذه الأمة أيضا داخلة في الحكم وكذا الحال فيما روى ان مالك بن الصيف ووهب ابن يهوذا اليهوديين مرا بنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى حذيفة رضوان الله عليهم فقالا لهم نحن أفضل منكم وديننا خير مما تدعوننا إليه وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما كنتم خير أمة الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وروى عن الضحاك أنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة الرواة والدعاة الذين امر الله المسلمين بطاعتهم «وتؤمنون بالله» أي إيمانا متعلقا بكل ما يجب أن يؤمن به من رسول وكتاب وحساب وجزاء وإنما لم يصرح به تفصيلا لظهور أنه الذي يؤمن به المؤمنون وللإيذان بأنه هو الإيمان بالله تعالى حقيقة وأن ما خلا عن شئ من ذلك كإيمان أهل الكتاب ليس من الإيمان به تعالى في شئ قال تعالى «ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا» وإنما أخر ذلك عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع تقدمه عليهما وجودا ورتبة لأن دلالتهما على خيريتهم للناس أظهر من دلالته عليها وليقترن به قوله تعالى «ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم» أي لو آمنوا كإيمانكم لكان ذلك خيرا لهم مما هم عليه من الرياسة واستتباع العوام ولازدادت رياستهم وتمتعهم بالحظوظ الدنيوية مع الفوز بما وعدوه على الإيمان من إيتاء الأجر مرتين وقيل مما هم فيه من الكفر فالخيرية إنما هي باعتبار زعمهم وفيه ضرب تهكم بهم وإنما لم يتعرض للمؤمن به أصلا للإشعار بظهور أنه الذي يطلق عليه اسم الإيمان لا يذهب الوهم إلى غيره ولو فصل المؤمن به ههنا أو فيما قبل لربما فهم أن لأهل الكتاب أيضا إيمانا في الجملة لكن إيمان المؤمنين خير منه وهيهات ذلك «منهم المؤمنون» جملة مستأنفة سيقت جوابا عما نشأ من الشرطية الدالة على انتفاء الخيرية لانتفاء الإيمان عنهم كأنه قيل هل منهم من آمن أو كلهم على الكفر فقيل منهم المؤمنون المعهودون الفائزون بخير الدارين كعبد الله بن سلام وأصحابه «وأكثرهم الفاسقون» المتمردون في الكفر الخارجون عن الحدود «لن يضروكم إلا أذى» استثناء مفرغ من المصدر العام أي لن يضروكم أبدا ضررا ما الا ضرر أذى لا يبالي به من طعن وتهديد لا أثر له «وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار» أي ينهزمون من غير أن ينالوا منكم شيئا من قتل أو أسر «ثم لا ينصرون» عطف
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254