تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٧٤
«يؤمنون بالله واليوم الآخر» صفة أخرى لأمة مبينة لمباينتهم اليهود من جهة أخرى أي يؤمنون بها على الوجه الذي نطق به الشرع والإطلاق للإيذان بالغنى عن التقييد لظهور أنه الذي يطلق عليه الإيمان بهما لا يذهب الوهم إلى غيره وللتعريض بان إيمان اليهود بهما مع قولهم عزير ابن الله وكفرهم ببعض الكتب والرسل ووصفهم اليوم الآخر بخلاف صفته ليس من الإيمان بهما في شئ أصلا ولو قيد بما ذكر لربما توهم أن المنتفى عنهم هو القيد المذكور مع جواز إطلاق الإيمان على إيمانهم بالأصل وهيهات «ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» صفتان أخريان لأمة أجريتا عليهم تحقيقا لمخالفتهم اليهود في الفضائل المتعلقة بتكميل الغير إثر بيان مباينتهم لهم في الخصائص المتعلقة بتكميل النفس وتعريضا بمداهنتهم في الاحتساب بل بتعكيسهم في الأمر بإضلال الناس وصدهم عن سبيل الله فإنه أمر بالمنكر ونهى عن بالمعروف «ويسارعون في الخيرات» صفة أخرى لأمة جامعة لفنون المحاسن المتعلقة بالنفس وبالغير والمسارعة في الخير فرط الرغبة فيه لأن من رغب في الأمر سارع في توليته والقيام به وآثر الفور على التراخي اى يبادرون مع كمال الرغبة في فعل أصناف الخيرات اللازمة والمتعدية وفيه تعريض بتباطؤ اليهود فيها بل بمبادتهم إلى الشرور وإيثار كلمة في على ما وقع في قوله تعالى «وسارعوا إلى مغفرة» الخ للإيذان بأنهم مستقرون في أصل الخير متقلبون في فنونه المترتبة في طبقات الفضل لا أنهم خارجون عنها منتهون إليها «وأولئك» إشارة إلى الأمة باعتبار اتصافهم بما فصل من النعوت الجليلة وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وسمو طبقتهم في الفضل وإيثاره على الضمير للإشعار بعلة الحكم والمدح أي أولئك المنعوتون بتلك الصفات الفاضلة بسبب اتصافهم بها «من الصالحين» أي من جملة من صلحت أحوالهم عند الله عز وجل واستحقوا رضاه وثناءه «وما يفعلوا من خير» كائنا ما كان مما ذكر أو لم يذكر «فلن يكفروه» أي لن يعدموا ثوابه البتة عبر عنه بذلك كما عبر عن توفية الثواب بالشكر اظهارا لكمال تنزهه سبحانه وتعالى عن ترك إثابتهم بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى من القبائح وتعديته إلى مفعولين بتضمين معنى الحرمان وايثار صيغة البناء للمفعول للجرى على سنن الكبرياء وقرئ الفعلان على صيغة الخطاب «والله عليم بالمتقين» تذييل مقرر لمضمون ما قبله فإن علمه تعالى بأحوالهم يستدعي توفية أجورهم لا محالة والمراد بالمتقين اما الأمة المعهودة وضع موضع الضمير العائد إليهم مدحا لهم وتعيينا لعنوان تعلق العلم بهم واشعارا بمناط إثابتهم وهو التقوى المنطوي على الخصائص السالفة واما جنس المتقين عموما وهم مندرجون تحت حكمه اندارجا أوليا
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254