تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٦٥
«وكيف تكفرون» استفهام إنكاري بمعنى إنكار الوقوع كما في قوله تعالى «كيف يكون للمشركين عهد» الخ لا بمعنى إنكار الواقع كما في قوله تعالى كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا الخ وفي توجيه الإنكار والاستبعاد إلى كيفية الكفر من المبالغة ما ليس في توجيهه إلى نفسه بأن يقال أتكفرون لأن كل موجود لا بد أن يكون وجوده على حال من الأحوال فإذا أنكر ونفى جميع أحوال وجوده فقد انتفى وجوده بالكلية على الطريق البرهاني وقوله تعالى «وأنتم تتلى عليكم آيات الله» جملة وقعت حالا من ضمير المخاطبين في تكفرون مؤكدة للإنكار والاستبعاد بما فيها من الشؤون الداعية إلى الثبات على الإيمان الوازعة عن الكفر وقوله تعالى «وفيكم رسوله» معطوف عليها داخل في حكمها فإن تلاوة آيات الله تعالى عليهم وكون رسوله عليه الصلاة والسلام بين أظهرهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم بتحقيق الحق وإزاحة الشبة من أقوى الزواجر عن الكفر وعدم إسناد التلاوة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للإيذان باستقلال كل منهما في الباب «ومن يعتصم بالله» أي ومن يتمسك بدينه الحق الذي بينه بآياته على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام وهو الإسلام والتوحيد المعبر عنه فيما سبق بسبيل الله «فقد هدي» جواب للشرط وقد لإفادة معنى التحقيق كأن الهدى قد حصل فهو يخبر عنه حاصلا ومعنى التوقع فيه ظاهر فإن المعتصم به تعالى متوقع للهدى كما ان قاصد الكريم متوقع للندى «إلى صراط مستقيم» موصل إلى المطلوب والتنوين للتفخيم والوصف بالاستقامة للتصريح بالرد على الذين يبغون له عوجا وهذا وإن كان هو دينه الحق في الحقيقة والاهتداء إليه هو الاعتصام به بعينه لكن لما اختلف الاعتباران وكان العنوان الأخير مما يتنافس فيه المتنافسون ابرز في معرض الجواب للحث والترغيب على طريقة قوله تعالى «فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز» «يا أيها الذين آمنوا» تكرير الخطاب بعنوان الإيمان تشريف إثر تشريف «اتقوا الله» الاتقاء افتعال من الوقاية وهي فرط الصيانة «حق تقاته» أي حق تقواه وما يجب منها وهو استفراغ الوسع في القيام بالموجب والاجتناب عن المحارم كما في قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وعن ابن مسعود رضي الله عنه هو ان يطاع ولا يعصى ويذكر ولا ينسى ويشكر ولا يكفر وقد روى مرفوعا إليه عليه السلام وقيل هو ان لا تأخذه في الله لومة لائم ويقوم بالقسط ولو على نفسه أو ابنه أو أبيه وقيل هو أن ينزه الطاعة عن الالتفات إليها وعن توقع المجازاة وقد مر تحقيق الحق في ذلك عند قوله عز وجل «هدى للمتقين» والتقاة من اتقى كالتؤدة من اتأد وأصلها وقية قلبت واوها المضمومة تاء كما في تهمة وتخمة وياؤها المفتوحة ألفا «ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون» أي مخلصون نفوسكم
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254