تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٦٦
لله تعالى لا تجعلون فيها شركة لما سواه أصلا كما في قوله تعالى ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال أي لا تموتن على حال من الأحوال الا حال تحقق إسلامكم وثباتكم عليه كما ينبئ عنه الجملة الاسمية ولو قيل إلا مسلمين لم يفد فائدتها والعامل في الحال ما قبل إلا بعد النقض وظاهر النظم الكريم وإن كان نهيا عن الموت المقيد بقيد هو الكون على أي حال من غير حال الإسلام لكن المقصود هو النهى عن ذلك القيد عند الموت المستلزم للأمر بضده الذي هو الكون على حال الإسلام حينئذ وحيث كان الخطاب للمؤمنين كان المراد إيجاب الثبات على الإسلام إلى الموت وتوجيهه النهى إلى الموت للمبالغة في النهى عن قيده المذكور فإنه النهى عن المقيد في أمثاله نهى عن القيد ورفع له من أصله بالكلية مفيد لما لا يفيده النهى عن نفس القيد فإن قولك لا تصل إلا وأنت خاشع يفيد من المبالغة في إيجاب الخشوع في الصلاة مالا يفيده قولك لا تترك الخشوع في الصلاة لما أن هذا نهى عن ترك الخشوع فقط وذاك نهى عنه وعما يقارنه ومفيد لكون الخشوع هو العمدة في الصلاة وأن الصلاة بدونه حقها أن لا تفعل وفيه نوع تحذير عما وراء الموت وقوله عز وجل «واعتصموا بحبل الله» أي بدين الإسلام أو بكتابه لقوله عليه الصلاة والسلام القرآن حبل الله المتين لا تنقضى عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد من قال به صدق ومن عمل به رشد ومن اعتصم به هدى إلى صراط مستقيم إما تمثيل للحالة الحاصلة من استظهارهم به ووثوقهم بحمايته بالحالة الحاصلة من تمسك المتدلى من مكان رفيع بحبل وثيق مأمون الانقطاع من غير اعتبار مجاز في المفردات وإما استعارة للحبل لما ذكر من الدين أو الكتاب والاعتصام ترشيح لها أو مستعار للوثوق به والاعتماد عليه «جميعا» حال من فاعل اعتصموا أي مجتمعين في الاعتصام «ولا تفرقوا» أي لا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم كأهل الكتاب أو كما كنتم متفرقين في الجاهلية يحارب بعضكم بعضا أو لا تحدثوا ما يوجب التفريق ويزيل الألفة التي أنتم عليها «واذكروا نعمة الله» مصدر مضاف إلى الفاعل وقوله تعالى «عليكم» متعلق به أو بمحذوف وقع حالا منه وقوله تعالى «إذ كنتم» ظرف له أو للاستقرار في عليكم أي اذكروا إنعامه عليكم أو اذكروا إنعامه مستقرا عليكم وقت كونكم «أعداء» في الجاهلية بينكم إلا من والعداوات والحروب المتواصلة وقيل هم الأوس والخزرج كانا أخوين لأب وأم فوقعت بين أولادهما العداوة والبغضاء وتطاولت الحروب فيما بينهم مائة وعشرين سنة «فألف بين قلوبكم» بتوفيقكم للإسلام «فأصبحتم» أي فصرتم «بنعمته» التي هي ذلك التأليف «إخوانا» خبر أصبحتم أي إخوانا متحابين مجتمعين على الأخوة في الله متراحمين متناصحين متفقين على كلمة الحق وقيل معنى فأصبحتم فدخلتم في الصباح فالباء حينئذ متعلقة بمحذوف وقع حالا من الفاعل وكذا إخوانا أي فأصبحتم
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254