تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٦٣
وإنما خوطبوا بعنوان أهليه الكتاب الموجبة للإيمان به وبما يصدقه من القرآن العظيم مبالغة في تقبيح حالهم في كفرهم بها وقوله عز وجل «لم تكفرون بآيات الله» توبيخ وإنكار لأن يكون لكفرهم بها سبب من الأسباب وتحقيق لما يوجب الاجتناب عنه بالكلية والمراد بآياته تعالى ما يعم الآيات القرآنية التي من جملتها ما تلى في شأن الحج وغيره وما في التوراة والإنجيل من شواهد نبوته عليه السلام وقوله تعالى «والله شهيد على ما تعملون» حال من فاعل تكفرون مفيدة لتشديد التوبيخ وتأكيد الإنكار وإظهار الجلالة في موقع الإضمار لتربية المهابة وتهويل الخطب وصيغة المبالغة في شهيد للتشديد في الوعيد وكلمة ما إما عبارة عن كفرهم أو هي على عمومها وهو داخل فيها دخولا أوليا والمعنى لأي سبب تكفرون بآياته عز وجل والحال أنه تعالى مبالغ في الاطلاع على جميع أعمالكم وفي مجازاتكم عليها ولا ريب في أن ذلك يسد جميع أنحاء ما تأتونه ويقطع أسبابه بالكلية «قل يا أهل الكتاب» أمر بتوبيخهم بالإضلال إثر توبيخهم بالضلال والتكرير للمبالغة في حمله عليه السلام على تقريعهم وتوبيخهم وترك عطفه على الأمر السابق للإيذان باستقلالهم كما ان قطع فوله تعالى «لم تصدون» عن قوله تعالى لم تكفرون للإشعار بأن كل واحد من كفرهم وصدهم شناعة على حيالها مستقلة في استتباع اللأئمة والتقريع وتكرير الخطاب بعنوان أهلية الكتاب لتأكيد الاستقلال وتشديد التشنيع فإن ذلك العنوان كما يستدعى الإيمان بما هو مصدق لما معهم يستدعى ترغيب الناس فيه فصدهم عنه في أقصى مراتب القباحة ولكون صدهم في بعض الصور بتحريف الكتاب والكفر بالآيات الدالة على نبوته عليه السلام وقرئ تصدون من أصده «عن سبيل الله» أي دينه الحق الموصل إلى السعادة الأبدية وهو التوحيد وملة الإسلام «من آمن» مفعول لتصدون قدم عليه الجار والمجرور للاهتمام به كانوا يفتنون المؤمنين ويحتالون لصدهم عنه ويمنعون من أراد الدخول فيه بجهدهم ويقولون إن صفته عليه السلام ليست في كتابهم ولا تقدمت البشارة به عندهم وقيل أتت اليهود الأوس والخزرج فذكروهم ما كان بينهم في الجاهلية من العداوات والحروب ليعودوا إلى ما كانوا فيه «تبغونها» على إسقاط الجار وإيصال الفعل إلى الضمير كما في قوله * فتولى غلامهم ثم نادى * أظليما أصيدكم أم حمارا * بمعنى أصيد لكم أي تطلبون لسبيل الله التي هي أقوم السبل «عوجا» اعوجاجا بأن تلبسوا على الناس وتوهموا أن فيه ميلا عن الحق بنفي النسخ وتغيير صفة الرسول صلى الله عليه وسلم عن وجهها ونحو ذلك والجملة حال من فاعل تصدون وقيل من سبيل الله «وأنتم شهداء» حال من فاعل تصدون باعتبار تقييده بالحال الأولى أو من فاعل تبغونها أي والحال أنكم شهداء تشهدون بأنها سبيل الله لا يحوم حولها شائبة اعوجاج وأن الصد عنها إضلال قال ابن عباس رضي الله عنهما اى شهداء ان في التوراة ان دين الله الذي لا يقبل غيره هو الإسلام أو وأنتم عدول فيما بينكم يثقون بأقوالكم ويستشهدونكم في القضايا
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254