وزيادته بتضاعف قوة الإسلام وأهله إلى أن يهلكوا به أو باشتداده إلى ان يهلكهم «إن الله عليم بذات الصدور» فيعلم ما في صدوركم من العداوة والبغضاء والحنق وهو يحتمل أن يكون من المقول أي وقل لهم إن الله تعالى عليم بما هو أخفى مما تخفونه من عض الأنامل غيظا وأن يكون خارجا عنه بمعنى لا تتعجب من إطلاعي إياك على أسرارهم فإني عليم بذات الصدور وقيل هو أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطيب النفس وقوة الرجاء والاستبشار بوعد الله تعالى أن يهلكوا غيظا بإعزاز الإسلام وإذلالهم به من غير أن يكون ثمة قول كأنه قيل حدث نفسك بذلك «إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها» بيان لتناهي عداوتهم إلى حد حسد وأمانا لهم من خير ومنفعة وشمتوا بما أصابهم من ضر وشدة وذكر المس مع الحسنة والإصابة مع السيئة إما للإيذان بأن مدار مساءتهم أدنى مراتب إصابة الحسنة ومناط فرحهم تمام إصابة السيئة وإما لأن المس مستعار لمعنى الإصابة «وإن تصبروا» أي على عداتهم أو على مشاق التكاليف «وتتقوا» ما حرم الله تعالى عليكم ونهاكم عنه «لا يضركم كيدهم» مكرهم وحيلتهم التي دبروها لأجلكم وقرئ لا يضركم بكسر الضاد وجزم الراء على جواب الشرط من ضاره يضيره بمعنى ضره يضره وضمه الراء في القراءة المشهورة للاتباع كضمة مد «شيئا» نصب على المصدرية أي لا يضركم شيئا من الضرر بفضل الله وحفظه الموعود للصابرين والمتقين ولأن المجد في الأمر المتدرب بالاتقاء والصبر يكون جريئا على الخصم «إن الله بما يعملون» في عداوتكم من الكيد «محيط» علما فيعاقبهم على ذلك وقرئ بالتاء الفوقانية أي بما تعملون من الصبر والتقوى فيجازيكم بما أنتم أهله «وإذ غدوت» كلام مستأنف سيق للاستشهاد بما فيه من استتباع عدم الصبر والتقوى للضرر على أن وجودهما مستتبع لما وعد من النجاة من مضرة كيد الأعداء وإذ نصب على المفعولية بمضمر خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم خاصة مع عموم الخطاب فيما قبله وما بعده له وللمؤمنين لاختصاص مضمون الكلام به عليه السلام أي واذكر لهم وقت غدوك ليتذكروا ما وقع فيه من الأحوال الناشئة عن عدم الصبر فيعلمون أنهم إن لزموا الصبر والتقوى لا يضرهم كيد الكفرة وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة بالذات للمبالغة في إيجاب ذكرها واستحضار الحادثة بتفاصيلها كما سلف بيانه في تفسير قوله تعالى «وإذ قال ربك للملائكة» الخ والمراد به خروجه عليه السلام إلى أحد وكان ذلك من منزل عائشة رضي الله عنها وهو المراد بقوله تعالى «من أهلك» أي من عند أهلك «تبوئ المؤمنين» أي تنزلهم أو تهيئ وتسوى لهم «مقاعد» ويؤيد قراءة من قرأ تبوئ للمؤمنين والجملة حال من فاعل غدوت لكن لا على أنها حال مقدرة أي ناويا وقاصدا للتبوئة كما قيل
(٧٧)