تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٤٦
وأمه والظرف إما حال أي كائنا من ربك أو خبر ثان أي كائن منه تعالى وقيل هما مبتدأ وخبر أي الحق المذكور من الله تعالى والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطب لتشريفه عليه الصلاة والسلام والإيذان بأن تنزيل هذه الآيات الحقة الناطقة بكنه الأمر تربية له عليه الصلاة والسلام ولطف به «فلا تكن من الممترين» في ذلك والخطاب إما للنبي صلى الله عليه وسلم على طريقة الإلهاب والتهييج لزيادة التثبيت والأشعار بأن الإمتراء في المحذورية بحيث ينبغي أن ينهى عنه من لا يكاد يمكن صدوره عنه فكيف بمن هو بصدد الامتراء وإما لكل من له صلاحية الخطاب «فمن حاجك» أي من النصارى إذ هم المتصدون للمحاجة «فيه» أي في شأن عيسى عليه السلام وأمه زعما منهم أنه ليس على الشأن المحكى «من بعد ما جاءك من العلم» أي ما يوجبه إيجابا قطعيا من الآيات البينات وسعوا ذلك منك فلم يرعوو أعماهم عليه من الغى والضلال «فقل» لهم «تعالوا» أي هلموا بالرأي والعزيمة «ندع أبناءنا وأبناءكم» اكتفى بهم عن ذكر البنات لظهور كونهم أعز منهن وأما النساء فتعلقهن من جهة أخرى «ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم» أي ليدع كل منا ومنكم نفسه وأعزة أهله وألصقهم بقلبه إلى المباهلة ويحملهم عليها وتقديمهم على النفس في إثناء المباهلة التي هي من باب المهالك ومضان التلف مع أن الرجل يخاطر لهم بنفسه ويحارب دونهم للإيذان بكمال أمنه عليه الصلاة والسلام وتمام ثقته بأمره وقوة يقينه بأنه لن يصيبهم في ذلك شائبة مكروه أصلا وهو السر في تقديم جانبه عليه السلام على جانب المخاطبين في كل من المقدم والمؤخر مع رعاية الأصل في الصيغة فإن غير المتكلم تبع «ثم نبتهل» أي نتباهل بأن نلعن الكاذب منا والبهلة بالضم والفتح اللعنة وأصلها الترك له في الإسناد من قولهم بهلت الناقة أي تركتها بلاصرار «فنجعل لعنة الله على الكاذبين» عطف على نبتهل مبين لمعناه روى أنهم لما دعوا إلى المباهلة قالوا حتى نرجع وننظر فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم يا عبد المسيح ما ترى فقال والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لتهلكن فإن أبيتم إلا ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غدا محتضنا الحسين أخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلى خلفها رضي الله عنهم أجمعين وهو يقول إذا أنا دعوت فأمنوا فقال أسقف نجران يا معشر النصارى إني لأري وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يقي على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة فقالوا يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك ونثبت على ديننا قال صلى الله عليه وسلم فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين فأبوا قال عليه الصلاة والسلام فإني أناجزكم فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254