تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٤٤
منهم أربعة آلاف رجل فأخذوا باب الغرفة فقال المسيح للحواريين أيكم يخرج ويقتل ويكون معي في الجنة فقال واحد منهم أنا يا نبي الله فألقى عليه مدرعة من صوف وعمامة من صوف وناوله عكازة وألقى عليه شبه عيسى عليه الصلاة والسلام فخرج على اليهود فقتلوه وصلبوه وأما عيسى عليه الصلاة والسلام فكساه الله الريش والنور وألبسه النور وقطع عنه شهوة المطعم والمشرب وذلك قوله تعالى إني متوفيك فطار مع الملائكة ثم إن أصحابه حين رأوا ذلك تفرقوا ثلاث فرق فقالت فرقة كان الله فينا ثم صعد إلى السماء وهم اليعقوبية وقالت فرقة أخرى كان فينا ابن الله ما شاء الله ثم رفعه الله إليه وهم النسطورية وقالت فرقة أخرى منهم كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله ثم رفعه الله إليه وهؤلاء هم المسلمون فتظاهرت عليهم الفرقتان الكافرتان فقتلوهم فلم يزل الإسلام منطمسا إلى أن بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم «ورافعك إلي» أي إلى محل كرامتي ومقر ملائكتي «ومطهرك من الذين كفروا» أي من سوء جوارهم وخبث صحبتهم ودنس معاشرتهم «وجاعل الذين اتبعوك» قال قتادة والربيع والشعبي ومقاتل والكلبي هم أهل الإسلام الذين صدقوه واتبعوا دينه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من النصارى «فوق الذين كفروا» وهم الذين مكروا به عليه الصلاة والسلام ومن يسير بسيرتهم من اليهود فإن أهل الإسلام فوقهم ظاهرين بالعزة والمنعة والحجة وقيل هم الحواريون فينبغي أن تحمل فوقيتهم على فوقية المسلمين بحكم الاتحاد في الإسلام والتوحيد وقيل هم الروم وقيل هم النصارى فالمراد بالأتباع مجرد الادعاء والمحبة وإلا فأولئك الكفرة بمعزل من اتباعه عليه الصلاة والسلام «إلى يوم القيامة» غاية للجعل أو للاستقرار المقدر في الظرف لا على معنى ان الجعل أو الفوقية تنتهي حينئذ ويتخلص الكفرة من الذلة بل على معنى ان المسلمين يعلونهم إلى تلك الغاية فأما بعدها فيفعل الله تعالى بهم ما يريد «ثم إلي مرجعكم» أي رجوعكم بالبعث وثم للتراخي وتقديم الجار والمجرور للقصر المفيد لتأكيد الوعد والوعيد والضمير لعيسى عليه الصلاة والسلام وغيره من المتبعين له والكافرين به على تغليب المخاطب على الغائب في ضمن الالتفات فإنه أبلغ في التبشير والإنذار «فأحكم بينكم» يومئذ إثر رجوعكم إلي «فيما كنتم فيه تختلفون» من أمور الذين وفيه متعلق بتختلفون وتقديمه عليه لرعاية الفواصل «فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا» تفسير للحكم الواقع بين الفريقين وتفصيل لكيفيته والبداية ببيان حال الكفرة لما أن مساق الكلام لتهديدهم وزجرهم عما هم عليه من الكفر والعناد وقوله تعالى «في الدنيا والآخرة» متعلق بأعذبهم لا بمعنى إيقاع كل واحد من التعذيب في الدنيا والتعذيب في الآخرة وإحداثهما يوم القيامة بل بمعنى إتمام مجموعهما يومئذ وقيل أن المرجع أعم من الدنيوي والأخروي وقوله تعالى إلى يوم القيامة غاية للفوقية لا للجعل والرجوع متراخ عن الجعل وهو غير محدود لا عن الفوقية المحدودة على نهج قولك سأعيرك سكنى هذا البيت شهرا ثم أخلع عليك خلعة فيلزم تأخر الخلع عن الإعارة لا عن الشهر «وما لهم من ناصرين» يخلصونهم من عذاب الله تعالى في الدارين وصيغة الجمع لمقابلة ضمير الجمع أي
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254