له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه فألقى الله عز وجل عليه شبه عيسى عليه الصلاة والسلام ورفعه إلى السماء فأخذوا المنافق وهو يقول أنا دليلكم فلم يلتفتوا إلى قوله وصلبوه ثم قالوا وجهه يشبه وجه عيسى وبدنه يشبه بدن صاحبنا فإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا وإن كان صاحبنا فأين عيسى فوقع بينهم قتال عظيم وقيل لما صلب المصلوب جاءت مريم ومعها امرأة أبرأها الله تعالى من الجنون بدعاء عيسى عليه الصلاة والسلام وجعلتا تبكيان على المصلوب فأنزل الله تعالى عيسى عليه الصلاة والسلام فجاءهما فقال علام تبكيان فقالتا عليك فقال إن الله تعالى رفعني ولم يصبني إلا خير وإن هذا شئ شبه لهم قال محمد بن إسحق إن اليهود عذبوا الحواريين بعد رفع عيسى عليه الصلاة والسلام ولقوا منهم الجهد فبلغ ذلك ملك الروم وكان ملك اليهود من رعيته فقيل له إن رجلا من بنى إسرائيل ممن تحت أمرك كان يخبرهم أنه رسول الله وأراهم إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص وفعل وفعل فقال لو علمت ذلك ما خليت بينهم وبينه ثم بعث إلى الحواريين فانتزعهم من أيديهم وسألهم عن عيسى عليه الصلاة والسلام فأخبروه فبايعهم على دينهم وأنزل المصلوب فغيبه وأخذ الخشبة فأكرمها ثم غزا بنى إسرائيل وقتل منهم خلقا عظيما ومنه ظهر أصل النصرانية في الروم ثم جاء بعده ملك آخر يقال له ططيوس وغزا بيت المقدس بعد رفع عيسى عليه الصلاة والسلام بنحو من أربعين سنة فقتل وسبى ولم يترك في مدينة بيت المقدس حجرا على حجر فخرج عند ذلك قريظة والنضير إلى الحجاز قال أهل التواريخ حملت مريم بعيسى عليه الصلاة والسلام وهي بنت ثلاث عشرة سنة وولدته ببيت لحم من أرض أورشليم لمضى خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل وأوحى الله تعالى إليه على رأس ثلاثين سنة ورفعه إليه من بيت المقدس ليلة القدر من شهر رمضان وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وعاشت أمه بعد رفعه ست سنين «والله خير الماكرين» أقواهم مكرا وأنفذهم كيدا وأقدرهم على إيصال الضرر من حيث لا يحتسب وإظهار الجلالة في موقع الإضمار لتربية المهابة والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبله «إذ قال الله» ظرف لمكر الله أو لمضمر نحو وقع ذلك «يا عيسى إني متوفيك» أي مستوفي أجلك ومؤخرك إلى أجلك المسمى عاصما لك من قتلهم أو قابضك من الأرض من توفيت مالي أو متوفيك نائما إذ روى أنه رفع وهو نائم وقيل مميتك في وقتك بعد النزول من السماء ورافعك الآن أو مميتك من الشهوات العائقة عن العروج إلى عالم الملكوت وقيل أماته الله تعالى سبع ساعات ثم رفعه إلى السماء وإليه ذهبت النصارى قال القرطبي والصحيح أن الله تعالى رفعه من غير وفاة ولا نوم كما قال الحسن وابن زيد وهو اختيار الطبري وهو الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما وأصل القصة أن اليهود لما عزموا على قتله عليه الصلاة والسلام اجتمع الحواريون وهم إثنا عشر رجلا في غرفة فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة فأخبر بهم إبليس جميع اليهود فركب
(٤٣)