ما من شيء في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي إلا الأمانة فإنها مؤادة إلى البر والفاجر «بلى» إثبات لما نفوه أي بلى عليهم فيهم سبيل وقوله تعالى «من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين» استئناف مقرر للجملة التي سد بلى مسدها والضمير المجرور لمن أو لله تعالى وعموم المتقين نائب مناب الراجع من الجزاء إلى من ومشعر بأن التقوى ملاك الأمر عام للوفاء وغيره من أداء الواجبات والاجتناب عن المناهي «إن الذين يشترون» أي يستبدلون ويأخذون «بعهد الله» أي بدل ما عاهدوا عليه من الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والوفاء بالأمانات «وأيمانهم» وبما حلفوا به من قولهم والله لنؤمنن به ولننصرنه «ثمنا قليلا» هو حطام الدنيا «أولئك» الموصوفون بتلك الصفات القبيحة «لا خلاق» لا نصيب «لهم في الآخرة» من نعيمها «ولا يكلمهم الله» أي بما يسرهم أو بشيء أصلا وإنما يقع ما يقع من السؤال والتوبيخ والتقريع في أثناء الحساب من الملائكة عليهم السلام أولا ينتفعون بكلمات الله تعالى وآياته والظاهر أنه كناية عن شدة غضبه وسخطه نعوذ بالله من ذلك لقوله تعالى «ولا ينظر إليهم يوم القيامة» فإنه مجاز عن الاستهانة بهم والسخط عليهم متفرع على الكناية في حق من يجوز عليه النظر لأن من أعتد بالإنسان ألتفت إليه وأعاره نظر عينيه ثم كثر حتى صار عبارة عن الاعتداد والإحسان وإن لم يكن ثمة نظر ثم جاء فيمن لا يجوز عليه النظر مجرد المعنى الإحسان مجازا عما وقع كناية عنه فيمن يجوز عليه النظر ويوم القيامة متعلق بالفعلين وفيه تهويل للوعيد «ولا يزكيهم» أي لا يثني عليهم أو لا يطهرهم من أوضار الأوزار «ولهم عذاب أليم» على ما فعلوه من المعاصي قيل أنها نزلت في أبي رافع ولبابة بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب حرفوا التوراة وبدلوا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واخذوا الرشوة على ذلك وقيل نزلت في الأشعث بن قيس حيث كان بينه وبين رجل نزاع في بئر فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له شاهداك أو يمينه فقال الأشعث أذن يحلف ولا يبالي فقال صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين يستحق بها ما لا هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان وقيل في رجل أقام سلعة في السوق فحلف لقد اشتراها بما لم يكن اشتراها به «وإن منهم» أي من اليهود المحرفين «لفريقا» ككعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وأضرابهما «يلوون ألسنتهم بالكتاب» أي يفتلونها بقراءته فيميلونها عن المنزل إلى المحرف أو يعطفونها بشبه الكتاب وقرئ يلوون بالتشديد ويلون بقلب الواو المضمومة همزة ثم تخفيفها بحذفها وإلقاء حركتها على ما قبلها
(٥١)