تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢١
«ذلك» إشارة إلى ما مر من التولي والاعراض وهو مبتدأ خبره قوله تعالى «بأنهم» أي حاصل بسبب أنهم «قالوا لن تمسنا النار» باقتراف الذنوب وركوب المعاصي «إلا أياما معدودات» وهي مقدار عبادتهم العجل ورسخ اعتقادهم على ذلك وهونوا عليهم الخطوب «وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون» من قولهم ذلك وما أشبهه من قولهم ان آباءنا الأنبياء يشفعون لنا أو إن الله تعالى وعد يعقوب عليه السلام ان لا يعذب أولاده الا تحلة القسم ولذلك ارتكبوا ما ارتكبوا من القبائح «فكيف» رد لقولهم المذكور وابطال لما غرهم باستعظام ما سيد همهم وتهويل ما سيحيق بهم من الأهوال أي فكيف يكون حالهم «إذا جمعناهم ليوم» أي لجزاء يوم «لا ريب فيه» أي في وقوعه ووقوع ما فيه روى ان أول راية ترفع يوم القيامة من رايات الكفر راية اليهود فيفضحهم الله عز وجل على رؤوس الاشهاد ثم يأمر بهم إلى النار «ووفيت كل نفس ما كسبت» أي جزاء ما كسبت من غير نقص أصلا كما يزعمون وانما وضع المكسوب موضع جزائه للإيذان بكمال الاتصال والتلازم بينهما كأنهما شيء واحد وفيه دلالة على أن العبادة لا تحبط وأن المؤمن لا يخلد في النار لأن توفية جزاء ايمانه وعمله لا تكون في النار ولا قبل دخولها فإذن هي بعد الخلاص منها «وهم» أي كل الناس المدلول عليهم بكل نفس «لا يظلمون» بزيادة عذاب أو بنقص ثواب بل يصيب كلا منهم مقدار ما كسبه «قل اللهم» الميم عوض عن حرف النداء ولذلك لا يجتمعان وهذا من خصائص الاسم الجليل كدخوله عليه مع حرف التعريف وقطع همزته ودخول تاء القسم عليه وقيل أصله يا الله امنا بخير أي أقصدنا به فخفف بحذف حرف النداء ومتعلقات الفعل وهمزته «مالك الملك» أي مالك جنس الملك على الاطلاق ملكا حقيقيا بحيث تتصرف فيه كيفما تشاء ايجادا وإعداما واحياء وإماتة وتعذيبا وإثابة من غير مشارك ولا ممانع وهو نداء ثان عند سيبويه فإن الميم عنده تمنع الوصفية «تؤتي الملك» بيان لبعض وجوه التصرف الذي تستدعيه مالكية الملك وتحقيق لاختصاصها به تعالى حقيقة وكون مالكية غيره بطريق المجاز كما ينبئ عنه ايثار الايتاء الذي هو مجرد الاعطاء على التمليك المؤذن بثبوت المالكية حقيقة «من تشاء» أي ايتاءه إياه «وتنزع الملك ممن تشاء» أي نزعه منه فالملك الأول حقيقي عام ومملوكيته حقيقية والآخران مجازيان خاصان ونسبتهما إلى صاحبهما مجازية وقيل الملك الأول عام والآخران بعضان منه فتأمل وقيل المراد بالملك النبوة ونزعها نقلها من قوم إلى آخرين «وتعز من تشاء» ان تعزه في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما بالنصر والتوفيق «وتذل من تشاء» ان تذله في إحداهما أو فيهما من غير ممانعة من الغير ولا مدافعة «بيدك الخير» تعريف الخير للتعميم وتقديم الخبر للتخصيص أي بقدرتك الخير كله لا بقدرة أحد غيرك تتصرف
(٢١)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الأذان (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254