أنفسهم أو غيرهم من الملائكة والنبيين وأن أممهم قاطبة مأمورون بالإيمان بمن جاءهم من رسول مصدق لما معهم تحقيقا لوجوب الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وكتابه المصدق لما بين يدية من التوراة والإنجيل وتحتم الطاعة له حسبما سيأتي تفصيله وتخصيص آدم عليه الصلاة والسلام بالذكر لأنه أبو البشر ومنشأ النبوة وكذا حال نوح عليه السلام فإنه آدم الثاني وإما ذكر آل إبراهيم فلترغيب المعترفين باصطفائهم في الإيمان بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم واستمالتهم نحو الاعتراف باصطفائه بواسطة كونه من زمرتهم مع ما مر من التنبيه على كونه عليه الصلاة والسلام عريقا في النبوة من زمرة المصطفين الأخيار وأما ما ذكر آل عمران مع اندراجهم في آل إبراهيم فلإظهار مزيد الاعتناء بتحقيق أمر عيسى عليه الصلاة والسلام لكمال رسوخ الخلاف في شانه فإن نسبة الاصطفاء إلى الأب الأقرب أدل على تحققه في الآل وهو الداعي إلى إضافة الآل إلى إبراهيم دون نوح وآدم عليهم الصلاة والسلام والاصطفاء أخذ ما صفا من الشئ كالاستصفاء مثل به اختياره تعالى إياهم النفوس القدسية وما يليق بها من الملكات الروحانية والكمالات الجسمانية المستتبعة للرسالة في نفس المصطفى كما في كافة الرسل عليهم الصلاة والسلام أو فيمن يلابسه وينشأ منه كما في مريم وقيل اصطفى آدم عليه الصلاة والسلام بأن خلقه بيده في أحسن تقويم وبتعليم الأسماء وإسجاد الملائكة إياه وإسكان الجنة واصطفى نوحا عليه الصلاة والسلام بكونه أول من نسخ الشرائع إذ لم يكن قبل ذلك تزويج المحارم حراما وبإطالة عمره وجعل ذريته هم الباقين واستجابة دعوته في حق الكفرة والمؤمنين وحملة على متن الماء والمراد بآل إبراهيم إسماعيل وإسحق والأنبياء من أولادهما الذين من جملتهم النبي صلى الله عليه وسلم وأما اصطفاء نفسه عليه الصلاة والسلام فمفهوم من اصطفائهم بطريق الأولوية وعدم التصريح به للإيذان بالغنى عنه لكمال شهرة أمره في الخلة وكونه إمام الأنبياء قدوة الرسل عليهم الصلاة والسلام وكون اصطفاء آله بدعوته بقوله «ربنا وابعث فيهم رسولا منهم» الآية ولذلك قال عليه الصلاة والسلام أنا دعوة أبي إبراهيم وبآل عمرآن عيسى وأمه مريم ابنة عمرآن بن ماثان بن عازار بن أبي بور بن رب بابل بن ساليان بن يوحنا بن يوشيان بن أمون بن منشا بن حزقيا بن أحز بن يوثم بن عزياهو بن يهورام بن يهوشافاط بن أسا بن رحبعم بن سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام ابن بيشا بن عوفيذ بن بوعز بن سلمون بن نحشون بن عميوذب بن رم بن حصرون بن بارص بن يهوذا بن يعقوب عليه الصلاة والسلام وقيل موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام ابنا عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب عليه الصلاة والسلام وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة فيكون اصطفاء عيسى عليه الصلاة والسلام حينئذ بالاندارج في آل إبراهيم عليه السلام والأول هو الأظهر بدليل تعقيبه بقصة مريم واصطفاء موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام بالإنتظام في سلك آل إبراهيم عليه السلام انتظاما ظاهرا والمراد بالعالمين أهل زمان كل واحد منهم أي اصطفى كل واحد منهم على عالمي زمانه «ذرية» نصب على البدلية من الآلين أو على الحالية منهما وقد مر بيان اشتقاقها في قوله تعالى ومن ذريتي وقوله
(٢٦)