تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٧
حال من المذكورين أو على المدح وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ومآله الرفع على المدح أي هم شهداء لله وهو إما جمع شهيد كظرفاء في جمع ظريف أو جمع شاهد كشعراء في جمع شاعر «والملائكة» عطف على الاسم الجليل بحمل الشهادة على معنى مجازى شامل للإقرار والإيمان بطريق عموم المجاز أي أقروا بذلك «وأولو العلم» أي آمنوا به واحتجوا عليه بما ذكر من الأدلة التكوينية والتشريعية قيل المراد بهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقيل المهاجرون والأنصار وقيل علماء مؤمني أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأضرابه وقيل جميع علماء المؤمنين الذين عرفوا وحدانيته تعالى بالدلائل القاطعة وارتفاعهما على القراءتين الأخيرتين قيل بالعطف على الضمير في شهداء لوقوع الفصل بينهما وأنت خبير بأن ذلك على قراءة النصب على الحالية يؤدى إلى تقييد حال المذكورين بشهادة الملائكة وأولى العلم وليس فيه كثير فائدة فالوجه كون ارتفاعهما بالابتداء والخبر محذوف لدلالة الكلام عليه أي والملائكة وأو لو العلم شهداء بذلك ولك أن تحمل القراءتين على المدح نصبا ورفعا فحينئذ يحسن العطف على المستتر على كل حال وقوله تعالى «قائما بالقسط» أي مقيما للعدل في جميع أموره بيان لكماله تعالى في أفعاله إثر بيان كماله في ذاته وانتصابه على الحالية من الله كما في قوله تعالى وهو الحق مصدقا وإنما جاز افراده مع عدم جواز جاء زيد وعمرو راكبا لعدم اللبس كقوله تعالى «ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة» ولعل تأخيره عن المعطوفين للدلالة على علو رتبتهما وقرب منزلتهما والمسارعة إلى إقامة شهود التوحيد اعتناء بشأنه ورفعا لمحله والسر في تقديمه على المعطوفين مع ما فيه من الإيذان بأصالته تعالى في الشهادة به كما مر في قوله تعالى «آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه» أو من هو وهو الأوجه والعامل فيها معنى الجملة أي تفردا وأحقه لأنها حال مؤكدة أو على المدح وقيل على انه صفة للمنفى أي لا اله قائما الخ والفصل بينهما من قبيل توسعاتهم وهو مندرج في المشهود به إذا جعل صفة أو حالا من الضمير أو نصبا على المدح منه وقرئ القائم بالقسط على البدلية من هو فيلزم الفصل بينهما كما في الصفة أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف وقرئ قيما بالقسط «لا إله إلا هو» تكرير للتأكيد ومزيد الاعتناء بمعرفة أدلة التوحيد والحكم به بعد إقامة الحجة وليجرى عليه قوله تعالى «العزيز الحكيم» فيعلم أنه المنعوت بهما ووجه الترتيب تقدم العلم بقدرته على العلم بحكمته تعالى ورفعهما على البدلية من الضمير أو الوصفية لفاعل شهد أو الخبرية لمبتدأ مضمر وقد روى في فضلها أنه عليه السلام قال يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله عز وجل أن لعبدي هذا عندي عهدا وأنا أحق من وفي بالعهد أدخلوا عبدي الجنة وهو دليل على فضل علم أصول الدين وشرف أهله وروى عن سعيد بن جبير أنه كان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما فلما نزلت هذه الآية الكريمة خررن سجدا وقيل نزلت في نصارى نجران وقال الكلبي قدم النبي صلى الله عليه وسلم حبران من أحبار الشام فلما أبصر المدينة قال أحدهما ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان فلما دخلا عليه عليه السلام عرفاه بالصفة فقالا له عليه السلام أنت محمد قال صلى الله عليه وسلم نعم قالا وأنت أحمد قال عليه السلام أنا محمد وأحمد قالا فإنا نسألك عن شئ فإن أخبرتنا به آمنا بك وصدقناك قال عليه السلام سلا فقالا أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله عز وجل فأنزل
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254