تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٣
تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إلى أعطفهم عليكم وهو معنى قوله عليه السلام كما تكونوا يول عليكم «لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء» نهوا عن موالاتهم لقرابة أو صداقة جاهلية ونحوهما من أسباب المصادقة والمعاشرة كما في قوله سبحانه «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء» وقوله تعالى «لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء» حتى لا يكون حبهم ولا بغضهم إلا لله تعالى أو عن الاستعانة بهم في الغزو وسائر الأمور الدينية «من دون المؤمنين» في موضع الحال أي متجاوزين المؤمنين إليهم استقلالا أو اشتراكا وفيه إشارة إلى أنهم الأحقاء بالموالاة وأن في موالاتهم مندوحة عن موالاة الكفرة «ومن يفعل ذلك» أي اتخاذهم أولياء والتعبير عنه بالفعل للاختصار أو لإيهام الاستهجان بذكره «فليس من الله» أي من ولايته تعالى «في شيء» يصح أن يطلق عليه اسم الولاية فإن موالاة المتعاديين مما لا يكاد يدخل تحت الوقوع قال * تود عدوى ثم تزعم أنني * صديقك ليس النوك عنك بعازب * والجملة اعتراضية وقوله تعالى «إلا أن تتقوا» على صيغة الخطاب بطريق الالتفات استثناء مفرغ من أعم الأحوال والعامل فعل النهى معتبرا فيه الخطاب كأنه قيل لا تتخذوهم أولياء ظاهرا أو باطنا في حال من الأحوال إلا حال اتقائكم «منهم» أي من جهتهم «تقاة» أي انقاء أو شيئا يجب اتقاؤه على أن المصدر واقع موقع المفعول فإنه يجوز إظهار الموالاة حينئذ مع اطمئنان النفس بالعدواة والبغضاء وانتظار زوال المانع من قشر العصا وإظهار ما في الضمير كما قال عيسى عليه السلام كن وسطا وامش جانبا وأصل تقاة وقية ثم أبدلت الواو تاء كتخمة وتهمة وقلبت إلياء ألفا وقرئ تقية «ويحذركم الله نفسه» أي ذاته المقدسة فإن جواز إطلاق لفظ النفس مرادا به الذات عليه سبحانه بلا مشاكلة مما لا كلام فيه عند المتقدمين وقد صرح بعض محققي المتأخرين بعدم الجواز وإن أريد به الذات إلا مشاكلة وفيه من التهديد ما لا يخفى عظمه وذكر النفس للإيذان بأن له عقابا هائلا لا يؤبه دونه بما يحذر من الكفرة «وإلى الله المصير» تذييل مقرر لمضمون ما قبله ومحقق لوقوعه حتما «قل إن تخفوا ما في صدوركم» من الضمائر التي من جملتها ولاية الكفرة «أو تبدوه» فيما بينكم «يعلمه الله» فيؤاخذكم بذلك عند مصيركم إليه وتقديم الإخفاء على الإبداء قد مر سره في تفسير قوله تعالى «وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه» وقوله تعالى «يعلم ما يسرون وما يعلنون» «ويعلم ما في السماوات وما في الأرض» كلام مستأنف غير معطوف على جواب الشرط وهو من باب إيراد العام بعد الخاص تأكيدا له وتقريرا «والله على كل شيء قدير» فيقدر على عقوبتكم بما لا مزيد عليه إن لم تنتهوا عما نهيتم عنه وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتربية المهابة وتهويل
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254