تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٩٤
به منكرو القياس وهو في الحقيقة دليل على حجيته كيف لاورد المختلف فيه إلى المنصوص عليه إنما يكون بالتمثيل والبناء عليه وهو المعنى بالقياس ويؤيده الأمر به بعد الأمر بطاعة الله تعالى وبطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يدل على أن الأحكام ثلاثة ثابت بالكتاب وثابت بالسنة وثابت بالرد إليهما بالقياس «إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر» متعلق بالأمر الأخير الوارد في محل النزاع إذ هو المحتاج إلى التحذير من المخالفة وجواب الشرط محذوف عند جمهور البصريين ثقة بدلالة المذكور عليه أي إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر فردوه إلخ فإن الإيمان بهما يوجب ذلك إما الإيمان بالله تعالى فظاهر وأما الإيمان باليوم الآخر فلما فيه من العقاب على المخالفة «ذلك» اى الرد المأمور به «خير» لكم وأصلح «وأحسن» في نفسه «تأويلا» أي عاقبة ومآلا وتقديم خيريته لهم على أحسنيته في نفسه لما مر من تعلق أنظارهم بما ينفعهم والمراد بيان اتصافه في نفسه بالخيرية الكاملة في حد ذاته من غير اعتبار فضله على شئ يشاركه في أصل الخيرية والحسن كما ينبئ عنه التحذير السابق «ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجيبا له من حال الذين يخالفون ما مر من الأمر المحتوم ولا يطيعون الله ولا رسوله ووصفهم بادعاء الإيمان بالقرآن وبما أنزل من قبله أعنى التوراة لتأكيد التعجيب وتشديد التوبيخ والاستقباح ببيان كمال المباينة بين دعواهم وبين ما صدر عنهم وقرئ الفعلان على البناء للفاعل وقوله عز وجل «يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت» استئناف سيق لبيان محل التعجيب مبنى على سؤال نشأ من صدر الكلام كأنه قيل ماذا يفعلون فقيل يريدون الخ روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن منافقا خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ثم إنهما احتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى لليهودي فلم يرض به المنافق فدعاه إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال اليهودي قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرضى بقضائه فقال عمر للمنافق أهكذا قال نعم فقال عمر مكانكما حتى أخرج إليكما فدخل فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى برد ثم قال هكذا أقضى لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله فنزلت فهبط جبريل عليه الصلاة والسلام وقال إن عمر فرق بين الحق والباطل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت الفاروق فالطاغوت كعب بن الأشرف سمى به لإفراطه في الطغيان وعداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على التشبيه بالشيطان والتسمية باسمه أو جعل اختيار التحاكم إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم على التحاكم إليه تحاكما إلى الشيطان وقال الضحاك المراد بالطاغوت كهنة اليهود وسحرتهم وعن الشعبي ان المنافق دعا خصمه إلى كاهن في جهينة فتحاكما إليه وعن السدى أن الحادثة وقعت في قتيل بين بنى قريظة والنضير فتحاكم المسلمون من الفريقين إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبى المنافقون منهما إلا التحاكم إلى أبى بردة الكاهن الأسلمي فتحاكموا إليه فيكون الاقتصار حينئذ
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254