تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٩٦
من القبائح وهو عطف على أصابتهم والمراد تفظيع حالهم وتهويل مادهمهم من الخطب واعتراهم من شدة الأمر عند إصابة المصيبة وعند المجئ للاعتذار «يحلفون بالله» حال من فاعل جاءوك «إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا» أي ما أردنا بتحاكمنا إلى غيرك إلا الفصل بالوجه الحسن والتوفيق بين الخصمين ولم نرد مخالفة لك ولا تسخطا لحكمك فلا تؤاخذنا بما فعلنا وهذا وعيد لهم على ما فعلوا وأنهم سيندمون عليه حين لا ينفعهم الندم ولا يغنى عنهم الاعتذار وقيل جاء أولياء المنافق يطلبون بدمه وقد أهدره الله تعالى فقالوا ما أردنا أي ما أراد صاحبنا المقتول بالتحاكم إلى عمر رضى الله عنه تعالى إلا أن يحسن إليه ويوفق بينه وبين خصمه «أولئك» إشارة إلى المنافقين وما فيه من معنى البعد للتنبيه على بعد منزلتهم في الكفر والنفاق وهو مبتدأ خبره «الذين يعلم الله ما في قلوبهم» أي من فنون الشرور والفسادات المنافية لما اظهروا لك من الأكاذيب «فأعرض عنهم» جواب شرط محذوف أي إذا كان حالهم كذلك فأعرض عن قبول معذرتهم وقيل عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم ولا تظهر لهم علمك بما في بواطنهم ولا تهتك سترهم حتى يبقوا على وجل وحذر «وعظهم» اى أزجرهم عن النفاق والكيد «وقل لهم في أنفسهم» في حق أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المنطوية على الشرور التي يعلمها الله تعالى أو في أنفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم مسارا بالنصيحة لأنها في السر انجع «قولا بليغا» مؤثرا واصلا إلى كنه المراد مطابقا لما سيق له من المقصود فالظرف على التقديرين متعلق بالأمر وقيل متعلق ببليغا على رأى من يجيز تقديم معمول الصفة على الموصوف أي قل لهم قولا بليغا في أنفسهم مؤثرا في قلوبهم يغتنمون به اغتناما ويستشعرون منه الخوف استشعارا وهو التوعد بالقتل والاستئصال والإيذان بأن ما في قلوبهم من مكنونات الشر والنفاق غير خاف على الله تعالى وأن ذلك مستوجب لأشد العقوبات وإنما هذه المكافأة والتأخير لإظهارهم الإيمان والطاعة وإضمارهم الكفر ولئن أظهروا الشقاق وبرزوا بأشخاصهم من نفق النفاق ليمسنهم العذاب إن الله شديد العقاب (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) كلام مبتدأ جئ به تمهيدا لبيان خطئهم في الاشتغال بستر جنايتهم بالاعتذار بالأباطيل وعدم تلافيها بالتوبة أي وما أرسلنا رسولا من الرسل لشئ من الأشياء إلا ليطاع بسبب إذنه تعالى في طاعته وأمره المرسل إليهم بان يطيعوه ويتبعوه لأنه مؤد عنه تعالى فطاعته طاعة الله تعالى ومعصيته معصيته تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله أو بتيسير الله تعالى وتوفيقه في طاعته «ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم» وعرضوها لعذاب على عذاب النفاق بترك طاعتك والتحاكم إلى غيرك «جاؤوك» من غير تأخير كما يفصح عنه تقديم الظرف متوسلين بك في التنصل عن جنايتهم القديمة والحادثة ولم يزدادوا جناية على جناية بالقصد إلى سترها
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254