أمنعه فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذه منه وفتح ودخل النبي صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة فنزلت فأمر عليا أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه فقال عثمان لعلى أكرهت وآذيت ثم جئت ترفو فقال لقد أنزل الله تعالى في شأنك قرآنا فقرأ عليه الآية فقال عثمان أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فهبط جبريل عليه الصلاة والسلام وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السدانة في أولاد عثمان أبدا وقرئ الأمانة على التوحيد والمراد الجنس لا المعهود وقيل هو أمر للولاة بأداء الحقوق المتعلقة بذمهم من المناصب وغيرها إلى مستحقها كما أن قوله تعالى «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» أمر لهم بإيصال الحقوق المتعلقة بذمم الغير إلى أصحابها وحيث كان المأمور به ههنا مختصا بوقت المرافعة قيد به بخلاف المأمور به أو لا فإنه لما لم يتعلق بوقت دون وقت أطلق إطلاقا فقوله تعالى ان تحكموا عطف على ان تؤدوا قد فصل بين العاطف والمعطوف بالظرف المعمول له عند الكوفيين والمقدر يدل هو عليه عند البصريين لأن ما بعد ان لا يعمل فيما قبلها عندهم اى وان تحكموا إذا حكمتم الخ وقوله تعالى بالعدل متعلق بتحكموا أو بمقدر وقع حالا من فاعله اى ملتبسين بالعدل والإنصاف «إن الله نعما يعظكم به» ما إما منصوبه موصوفه بيعظكم به أو مرفوعه موصوله به كأنه قيل نعم شيئا يعظكم به أو نعم الشئ الذي يعظكم به والمخصوص بالمدح محذوف اى نعما يعطكم به ذلك وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكومات وقرئ نعما بفتح النون والجملة مستأنفه مقرره لما قبلها متضمنة لمزيد لطف بالمخاطبين وحسن استدعاء لهم إلى الامتثال بالامر واظهار الاسم الجليل لتربية المهابة «إن الله كان سميعا» لأقوالكم «بصيرا» بأفعالكم فهو وعد ووعيد واظهار الجلالة لما ذكر آنفا فإن فيه تأكيدا لكل من الوعد والوعيد «يا أيها الذين آمنوا» بعد ما أمر الولاة بطريق العموم أو بطريق الخصوص بأداء الأمانات والعدل في الحكومات أمر سائر الناس بطاعتهم لكن لا مطلقا بل في ضمن طاعة الله تعالى وطاعة رسول اله صلى الله عليه وسلم حيث قيل «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» وهم أمراء الحق وولاة العدل كالخلفاء الراشدين ومن يقتدى بهم من المهتدين وأما أمراء الجور فبمعزل من استحقاق العطف على الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم في وجوب الطاعة لهم وقيل هم علماء الشرع لقوله تعالى «ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم» ويأباه قوله تعالى «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله» إذ ليس للمقلد أن ينازع المجتهد في حكمه إلا أن يجعل الخطاب لأولى الأمر بطريق الالتفات وفيه بعد وتصدير الشرطية بالفاء لترتبها على ما قبلها فإن بيان حكم طاعة أولى الأمر عند موافقتها لطاعة الله تعالى وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم يستدعى بيان حكمها عند المخالفة أي إن اختلفتم أنتم وأولوا الأمر منكم في أمر من أمور الدين فراجعوا فيه إلى كتاب الله «والرسول» أي إلى سنته وقد استدل
(١٩٣)