تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٠٥
ما قبله عليه أي ولو كنتم في بروج مشيدة يدرككم الموت والجملة معطوفة على أخرى مثلها أي لو لم تكونوا في بروج مشيدة ولو كنتم الخ وقد اطرد حذفها لدلالة المذكور عليها دلالة واضحة فإن الشئ إذا تحقق المانع فلأن يتحقق عند عدمه أولى وعلى هذه النكتة يدور ما في لو الوصلية من التأكيد والمبالغة وقد مر تحقيقه في تفسير قوله تعالى أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون «وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله» كلام مبتدأ جئ به عقيب ما حكى عن المسلمين لما بينهما من المناسبة في اشتمالها على إسناد ما يكرهونه إلى بعض الأمور وكراهتهم له بسبب ذلك والضمير لليهود والمنافقين روى أنه كان قد بسط عليهم الرزق فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فدعاهم إلى الإيمان فكفروا أمسك عنهم بعض الإمساك فقالوا ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا ومزارعنا منذ قدم هذا الرجل وأصحابه وذلك قوله تعالى «وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك» أي وإن تصبهم نعمة ورخاء نسبوها إلى الله تعالى وإن تصبهم بلية من جدب وغلاء أضافوها إليك كما حكى عن أسلافهم بقوله تعالى «وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه» فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يرد زعمهم الباطل ويرشدهم إلى الحق ويلقمهم الحجر ببيان إسناد الكل إليه تعالى على الإجمال إذ لا يجترئون على معارضة أمر الله عز وجل حيث قيل «قل كل من عند الله» اى كل واحدة من النعمة والبلية من جهة الله تعالى خلقا وإيجادا من غير أن يكون لي مدخل في وقوع شئ منهما بوجه من الوجوه كما تزعمون بل وقوع الأولى منه تعالى بالذات تفضلا ووقوع الثانية بواسطة ذنوب من ابتلى بها عقوبة كما سيأتي بيانه فهذا الجواب المجمل في معنى ما قيل ردا على أسلافهم من قوله تعالى «ألا إنما طائرهم عند الله» أي أنما سبب خيرهم وشرهم أو سبب إصابة السيئة التي هي ذنوبهم عند الله تعالى لا عند غيره حتى يسندوها إليه ويطيروا به وقوله تعالى «فما لهؤلاء القوم» الخ كلام معترض بين المبين وبيانه مسوق من جهته تعالى لتعييرهم بالجهل وتقبيح حالهم والتعجيب من كمال غباوتهم والفاء لترتيبه على ما قبله وقوله تعالى «لا يكادون يفقهون حديثا» حال من هؤلاء والعامل فيها ما في الظرف من معنى الاستقرار أي وحيث كان الأمر كذلك فأي شئ حصل لهم حال كونهم بمعزل من أن يفقهوا حديثا أو استئناف مبني على سؤال نشأ من الاستفهام كأنه قيل ما بالهم وماذا يصنعون حتى يتعجب منه أو يسأل عن سببه فقيل لا يكادون يفقهون حديثا من الأحاديث أصلا فيقولون ما يقولون إذ لو فقهوا شيئا من ذلك لفهموا هذا النص وما في معناه وما هو أوضح منه من النصوص القرآنية الناطقة بان الكل فائض من عند الله تعالى وأن النعمة منه تعالى بطريق التفضل والإحسان والبلية بطريق العقوبة على ذنوب العباد لا سيما النص الوارد عليهم في صحف موسى وإبراهيم الذي وفي لا تزر وازرة وزر أخرى ولم يسندوا جناية أنفسهم إلى غيرهم وقوله تعالى «ما أصابك من حسنة» الخ بيان للجواب المجمل المأمور به واجراؤه
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254