تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٠٥
يمات «لإلى الله» أي إلى المعبود بالحق العظيم الشأن الواسع الرحمة الجزيل الإحسان «تحشرون» لا إلى غيره فيوفيكم أجوركم ويجزل لكم عطاءكم والكلام في لامي الجملة كما مر في أختها «فبما رحمة من الله لنت لهم» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والفاء لترتيب مضمون الكلام على ما ينبئ عنه السياق من استحقاقهم اللأئمة والتعنيف بموجب الجبلة البشرية أو من سعة ساحة مغفرته تعالى ورحمته والباء متعلقة بلنت قدمت عليه للقصر وما مزيدة للتوكيد أو نكرة ورحمة بدل منها مبين لإبهامها والتنوين للتفخيم ومن متعلقه بمحذوف وقع صفة لرحمة أي فبرحمة عظيمة لهم كائنة من الله تعالى وهي ربطه على جأشه وتخصيصه بمكارم الأخلاق كنت لين الجانب لهم وعاملتهم بالرفق والتلطف بهم حيث اغتممت لهم بعد ما كان منهم ما كان من مخالفة أمرك وإسلامك للعدو «ولو» لم تكن كذلك بل «كنت فظا» جافيا في المعاشرة قولا وفعلا وقال الراغب الفظ هو الكريه الخلق وقال الواحدي هو الغليظ الجانب السئ الخلق «غليظ القلب» قاسية وقال الكلبي فظا في القول غليظ القلب في الفعل «لانفضوا من حولك» لتفرقوا من عندك ولم يسكنوا إليك وتردوا في مهاوى الردى والفاء في قوله عز وجل «فاعف عنهم» لترتيب العفو أو الأمر به على ما قبله أي إذا كان الأمر كما ذكر فاعف عنهم فيما يتعلق بحقوقك كما عفا الله عنهم «واستغفر لهم» الله فيما يتعلق بحقوقه تعالى إتماما للشفقة عليهم وإكمالا للبر بهم «وشاورهم في الأمر» أي في أمر الحرب إذ هو المعهود أو فيه وفي أمثاله مما تجرى فيه المشاورة عادة استظهارا بآرائهم وتطييبا لقلوبهم وتمهيدا لسنة المشاورة للأمة وقرئ وشاورهم في بعض الأمر «فإذا عزمت» أي عقيب المشاورة على شئ وأطمأنت به نفسك «فتوكل على الله» في إمضاء أمرك على ما هو أرشد لك وأصلح فإنه علمه مختص به سبحانه وتعالى وقرئ فإذا عزمت على صيغة التكلم أي عزمت لك على شئ وأرشدتك إليه فتوكل على ولا تشاور بعد ذلك أحدا والالتفات لتربية المهابة وتعليل التوكل أو الأمر به فإن عنوان الألوهية الجامعة لجميع صفات الكمال مستدع للتوكل عليه تعالى أو الأمر به «إن الله يحب المتوكلين» عليه تعالى فينصرهم ويرشدهم إلى ما فيه خير لهم وصلاح والجملة تعليل للتوكل عليه تعالى وقوله تعالى «إن ينصركم الله فلا غالب لكم» جملة مستأنفة سيقت بطريق تلوين الخطاب تشريفا للمؤمنين لإيجاب توكلهم عليه تعالى وحثهم على اللجأ إليه وتحذيرهم عما يفضى إلى خذلانه أي إن ينصركم كما نصركم يوم بدر فلا أحد يغلبكم على طريق نفى الجنس المنتظم لنفى جميع أفراد الغالب ذاتا وصفة ولو قيل فلا يغلبكم أحد لدل على نفى الصفة فقط ثم المفهوم من ظاهر النظم
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254