تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٠١
غير مرة من الاعتناء بشأن المقدم والتشويق إلى المؤخر وتخصيص الخوف من بين فنون الغم بالإزالة لأنه المهم عندهم حينئذ لما أن المشركين لما انصرفوا كانوا يتوعدون المسلمين بالرجوع فلم يأمنوا كرتهم وكانوا تحت الحجف متأهبين للقتال فأنزل الله تعالى عليهم الأمنة فأخذهم النعاس قال ابن عباس رضي الله عنهما أمنهم يومئذ بنعاس تغشاهم بعد خوف وإنما ينعس من أمن والخائف لا ينام وقال الزبير رضي الله عنه كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم حين اشتد الخوف فأنزل الله علينا النوم والله لأسمع قول معتب بن قشير والنعاس يغشاني ما أسمعه الا كالحلم يقول لو كان لنا من الأمر شيء ما قلنا إني ههنا وقال أبو طلحة رضى الله عنه رفعت رأسي يوم أحد فجعلت لا أرى أحدا من القوم إلا وهو يميد تحت حجفته من النعاس قال وكنت ممن ألقى عليه النعاس يومئذ فكان السيف يسقط من يدي فآخذه ثم يسقط السوط من يدي فآخذه وفيه دلالة على أن من المؤمنين من لم يلق عليه النعاس كما ينبئ عنه قوله عز وجل «يغشى طائفة منكم» قال ابن عباس هم المهاجرون وعامة الأنصار ولا يقدح ذلك في عموم الإنزال للكل والجملة في محل النصب على انها صفة لنعاسا وقرئ بالتاء على أنها صفة لأمنه وفيه أن الصفة حقها أن تتقدم على البدل وعطف البيان وأن لا يفصل بينها وبين الموصوف بالمفعول له وأن المعهود أن يحدث عن البدل دون المبدل منه «وطائفة قد أهمتهم أنفسهم» أي أوقعتهم في الهموم والأحزان أو ما بهم إلا هم أنفسهم وقصد خلاصها من قولهم همني الشئ أي كان من همتي وقصدى والقصر مستفاد بمعونة المقام وطائفة مبتدأ وما بعدها اما خبرها وإنما جاز ذلك مع كونها نكرة لاعتمادها على واو الحال كما في قوله * سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا * محياك أخفى ضوءه كل شارق * أو لوقوعها في موضع التفصيل كما في قوله * إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق * وشق عندنا لم يحول * وإما صفتها والخبر محذوف أي ومعكم طائفة أو وهناك وقيل تقديره ومنكم طائفة وفيه أنه يقتضى دخول المنافقين في الخطاب بإنزال الأمنة وأيا ما ما كان فالجملة إما حالية مبينة لفظاعة الهول مؤكدة لعظم النعمة في الخلاص عنه كما في قوله تعالى «أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم» وإما مستأنفة مسوقة لبيان حال المنافقين وقوله عز وجل «يظنون بالله» حال من ضمير أهمتهم أو من طائفة لتخصصها بالصفة أو صفة أخرى لها أو خبر بعد خبر أو استئناف مبين لما قبله وقوله تعالى «غير الحق» في حكم المصدر أي يظنون به تعالى غير الظن الحق الذي يجب أن يظن به سبحانه وقوله تعالى «ظن الجاهلية» بدل منه وهو الظن المختص بالملة الجاهلية والإضافة كما في حاتم الجود ورجل صدق وقوله تعالى «يقولون» بدل من يظنون لما ان مسئلتهم كانت صادرة عن الظن أي يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم على صورة الاسترشاد «هل لنا من الأمر» أي من أمر الله تعالى ووعده من النصر والظفر «من شيء» أي من نصيب قط أو هل لنا من التدبير من شئ وقوله تعالى «قل إن الأمر كله لله» أي الغلبة بالآخرة لله تعالى ولأوليائه فإن حزب الله هم الغالبون أو ان التدبير كله لله فإنه تعالى قد دبر الأمر كما جرى في سابق قضائه فلا مرد له وقرئ كله بالرفع على الابتداء وقوله تعالى «يخفون في أنفسهم» أي يضمرون فيها أو يقولون فيما بينهم بطريق الخفية «ما لا يبدون لك» استئناف أو حال من ضمير يقولون وقوله تعالى إن الأمر الخ اعتراض بين الحال وصاحبها
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254