لام العاقبة كما في قوله تعالى ليكون لهم عدوا وحزنا أي قالوا ذلك واعتقدوه ليكون حسرة في قلوبهم والمراد بالتعليل المذكور بيان عدم ترتب فائدة ما على ذلك أصلا وقيل هو تعليل للنهي بمعنى لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول واعتقاده ليجعله الله تعالى حسرة في قلوبهم خاصة ويصون منها قلوبكم فذلك كما مر إشارة إلى ما دل عليه قولهم من الاعتقاد ويجوز أن يكون إشارة إلى ما دل عليه النهى أي لا تكونوا مثلهم ليجعل الله انتفاء كونكم مثلهم حسرة في قلوبهم فإن مضادتكم لهم في القول والاعتقاد مما يغمهم ويغيظهم «والله يحيي ويميت» رد لقولهم الباطل إثر بيان غائلته أي هو المؤثر في الحياة والممات وحده من غير أن يكون للإقامة أو للسفر مدخل في ذلك فإنه تعالى قد يحيى المسافر والغازى مع اقتحامهما لموارد الحتوف ويميت المقيم والقاعد مع حيازتهما لأسباب السلامة «والله بما تعملون بصير» تهديد للمؤمنين على أن يماثلوهم وقرئ بالياء على أنه وعيد للذين كفروا وما يعملون عام متناول لقولهم المذكور ولمنشئه الذي هو اعتقادهم ولما ترتب على ذلك من الأعمال ولذلك تعرض لعنوان البصر لا لعنوان السمع وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار لتربية المهابة وإلقاء الروعة والمبالغة في التهديد والتشديد في الوعيد «ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم» شروع في تحقيق أن ما يحذرون ترتبه على الغزو والسفر من القتل والموت في سبيل الله تعالى ليس مما ينبغي أن يحذر بل مما يجب أن يتنافس المتنافسون إثر إبطال ترتبه عليهما واللام هي الموطئة للقسم وما في قوله تعالى «لمغفرة من الله ورحمة» لام الابتداء والتنوين في الموضعين للتقليل ومن متعلقة بمحذوف وقع صفة للمبتدأ وقد حذفت صفة رحمة لدلالة المذكور عليها والجملة جواب للقسم ساد مسد جواب الشرط والمعنى أن السفر والغزو ليس مما يجلب الموت ويقدم الأجل أصلا ولئن وقع ذلك بأمر الله تعالى لنفحة يسيرة من مغفرة ورحمة كائنتين من الله تعالى بمقابلة ذلك «خير مما يجمعون» أي الكفرة من منافع الدنيا وطيباتها مدة أعمارهم وعن ابن عباس رضي الله عنهما خير من طلاع الأرض ذهبة حمراء وقرئ بالتاء أي مما تجمعونه أنتم لو لم تموتوا والاقتصار على بيان خيريتهما من ذلك بلا تعرض للإخبار بحصولهما لهم للإيذان بعدم الحاجة إليه بناء على استحالة التخييب منه تعالى بعد الأطماع وقد قيل لا بد من حذف آخر أي لمغفرة لكم من الله الخ وحينئذ يكون أيضا إخراج المقدر مخرج الصفة دون الخبر لنحو ما ذكر من ادعاء الظهور والغنى عن الإخبار به وتغيير الترتيب الواقع في قولهم ما ماتوا وما قتلوا المبنى على كثرة الوقوع وقلته للمبالغة في الترغيب في الجهاد ببيان زيادة مزية القتل في سبيل الله وإنافته في استجلاب المغفرة والرحمة وفيه دلالة واضحة على ما مر من أن المقصود بالنهى إنما هو عدم مماثلتهم في الاعتقاد بمضمون القول المذكور والعمل بموجبه لا في النطق به وإضلال الناس به «ولئن متم أو قتلتم» أي على أي وجه أتفق هلاككم حسب تعلق الإرادة الإلهية وقرئ متم بكسر الميم من مات
(١٠٤)