تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٠٧
بما احتمل من اثمه ووباله «ثم توفى كل نفس ما كسبت» أي تعطى وافيا جزاء ما كسبت خيرا أو شرا كثيرا أو يسيرا ووضع المكسوب موضع جزائه تحقيقا للعدل ببيان ما بينهما من تمام التناسب كما وكيفا كأنهما شيء واحد وفي اسناد التوفية إلى كل كاسب وتعليقها بكل مكسوب مع أن المقصود بيان حال الغال عند اتيانه بما غله يوم القيامة من الدلالة على فخامة شأن اليوم وهول مطلعه والمبالغة في بيان فظاعة حال الغال مالا يخفى فإنه حيث وفى كل كاسب جزاء ما كسبه ولم ينقص منه شيء وان كان جرمه في غاية القلة والحقارة فلأن لا ينقص من جزاء الغال شيء وجرمه من أعظم الجرائم وأظهر وأجلى «وهم» أي كل الناس المدلول عليهم بكل نفس «لا يظلمون» بزيادة عقاب أو بنقص ثواب «أفمن اتبع رضوان الله» أي سعى في تحصيله وانتحى نحوه حيثما كان بفعل الطاعات وترك المنكرات كالنبي ومن يسير بسيرته «كمن باء» أي رجع «بسخط» عظيم لا يقادر قدره كائن «من الله» تعالى بسبب معاصيه كالغال ومن يدين بدينه والمراد تأكيد نفي الغلول عن النبي عليه الصلاة والسلام وتقريره بتحقيق المباينة الكلية بينه وبين الغال حيث وصف كل منهما ما وصف به الآخر فقوبل رضوانه تعالى بسخطه والاتباع بالبوء والجمع بين الهمزة والفاء لتوجيه الانكار إلى ترتب توهم المماثلة بينهما والحكم بها على ما ذكر من حال الغال كأنه قيل أبعد ظهور حاله يكون من ترقي إلى أعلى عليين كمن تردى إلى أسفل سافلين واظهار الاسم الجليل في موضع الاضمار لإدخال الروعة وتربية المهابة «ومأواه جهنم» اما كلام مستأنف مسوق لبيان مآل أمر من باء بسخطه تعالى واما معطوف على قوله تعالى باء بسخط عطف الصلة الاسمية على الفعلية وأيا ما كان فلا محل له من الاعراب «وبئس المصير» اعتراض تذييلي والمخصوص بالذم محذوف أي وبئس المصير جهنم والفرق بينه وبين المرجع أن الأول يعتبر فيه الرجوع على خلاف الحالة الأولى بخلاف الثاني «هم» راجع إلى الموصولين باعتبار المعنى «درجات عند الله» أي طبقات متفاوتة في علمه تعالى وحكمه شبهوا في تفاوت الأحوال وتباينها بالدرجات مبالغة وايذانا بأن بينهم تفاوتا ذاتيا كالدرجات أو ذوو درجات «والله بصير بما يعملون» من الأعمال ودرجاتها فيجازيهم بحسبها «لقد من الله» جواب قسم محذوف أي والله لقد من أي أنعم «على المؤمنين» أي من قومه عليه السلام «إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم» أي من نسبهم أو من جنسهم عربيا مثلهم ليفقهوا كلامه بسهولة ويكونوا واقفين على حاله في الصدق والأمانة مفتخرين به وفي ذلك شرف لهم عظيم قال الله تعالى وانه لذكر لك ولقومك وقرئ من أنفسهم أي أشرفهم فإنه عليه السلام
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254