ذلك الوقت خاصة بناء على عدم كونه مظنة له داعيا إليه بل على كونه داعيا إلى عدمه فإن كون مصيبة عدوهم ضعف مصيبتهم مما يهون الخطب ويورث السلوة أو أفعلتم ما فعلتم ولما أصابتكم غائلته أنى هذا على توجيه الإنكار إلى استبعادهم الحادثة مع مباشرتهم لسببها وتذكير اسم الإشارة في أنى هذا مع كونه إشارة إلى المصيبة ليس لكونها عبارة عن القتل ونحوه بل لما أن إشارتهم ليست إلا إلى ما شاهدوه في المعركة من حيث هو هو من غير أن يخطر ببالهم تسميته باسم ما فضلا عن تسميته باسم المصيبة وإنما هي عند الحكاية وقوله عز وجل «قل هو من عند أنفسكم» أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يجيب عن سؤالهم الفاسد إثر تحقيق فساد بالإنكار والتقريع ويبكتهم أن ما نالهم إنما نالهم من جهتهم بتركهم المركز وحرصهم على الغنيمة وقيل باختيارهم الخروج من المدينة ويأباه أن الوعد بالنصر كان بعد ذلك كما ذكر عند قوله تعالى ولقد صدقكم الله وعده الآية وأن عمل النبي صلى الله عليه وسلم بموجبه قد رفع الخطر عنه وخفف جنايتهم فيه على أن اختيار الخروج والإصرار عليه كان ممن أكرمهم الله تعالى بالشهادة يومئذ وأين هم من التفوه بمثل هذه الكلمة وقيل بأخذهم الفداء يوم بدر قبل أن يؤذن لهم والأول هو الأظهر الأقوى وإنما يعضده توسيط خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم بين الخطابين المتوجهين إلى المؤمنين وتفويض التبكيت إليه عليه السلام فإن توبيخ الفاعل على الفعل إذا كان ممن نهاه عنه كان أشد تأثيرا «إن الله على كل شيء قدير» ومن جملته النصر عند الطاعة والخذلان عند المخالفة وحيث خرجتم عن الطاعة أصابكم منه تعالى ما أصابكم والجملة تذييل والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها داخل تحت الأمر «وما أصابكم» رجوع إلى خطاب المؤمنين إثر خطابه عليه السلام بسر يقتضيه وإرشاد لهم إلى طريق الحق فيما سألوا عنه وبيان لبعض ما فيه من الحكم والمصالح ودفع لما عسى أن يتوهم من قوله تعالى هو من عند أنفسكم من استقلالهم في وقوع الحادثة والعدول عن الإضمار إلى ما ذكر للتهويل وزيادة التقرير ببيان وقته بقوله تعالى «يوم التقى الجمعان» أي جمعكم وجمع المشركين «فبإذن الله» أي فهو كائن بقضائه وتخليته الكفار سمى ذلك إذنا لكونها من لوازمه «وليعلم المؤمنين» عطف على قوله تعالى فبإذن الله عطف المسبب على السبب والمراد بالعلم التمييز والإظهار فيما بين الناس «وليعلم الذين نافقوا» عطف على ما قبله من مثله وإعادة الفعل لتشريف المؤمنين وتنزيههم عن الانتظام في قرن المنافقين وللإيذان باختلاف حال العلم بحسب التعلق بالفريقين فإنه متعلق بالمؤمنين على نهج تعلقه السابق وبالمنافقين على وجه جديد وهو السر في إيراد الأولين بصيغة اسم الفاعل المنبئة عن الاستمرار والآخرين بموصول صلته فعل دال على الحدث والمعنى وما
(١٠٩)