(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين (193) الشهر الحرام بالشهر الحرام و الحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم و اتقوا الله و اعلموا أن الله مع المتقين (194) و أنفقوا في سبيل الله و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة و أحسنوا إن الله يحب المحسنين (195)) (و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين لله): (الفتنة): هنا الشرك، و ما تابعه من أذى المؤمنين. قاله ابن عباس وغيره (1).
و (الدين) هنا: الطاعة، والشرع، والانتهاء في هذا الموضع يصح مع عموم الآية في الكفار، أن يكون الدخول في الإسلام، ويصح أن يكون أداء الجزية.
وقوله تعالى: (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص...) الآية: قال ابن عباس وغيره: نزلت في عمرة القضية، وعام الحديبية سنة ست، حين صدهم المشركون، أي: الشهر الحرام الذي غلبكم الله فيه، وأدخلكم الحرم عليهم سنة سبع - بالشهر الحرام الذي صدوكم فيه، والحرمات قصاص (2).
وقالت فرقة: قوله: (و الحرمات قصاص): مقطوع مما قبله (3)، وهو ابتداء أمر كان في أول الإسلام أن من انتهك حرمتك، نلت منه مثل ما اعتدى عليك.
(واتقوا الله): قيل معناه في أن لا تعتدوا، وقيل: في ألا تزيدوا على المثل.
وقوله تعالى: (و أنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة...) الآية:
سبيل الله هنا: الجهاد، واللفظ يتناول بعد جميع سبله، وفي الصحيح أن أبا أيوب الأنصاري (4) كان على القسطنطينية، فحمل رجل على عسكر العدو، فقال قوم: ألقى هذا بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: لا، إن هذه الآية نزلت في الأنصار، حين أرادوا، لما ظهر الإسلام، أن يتركوا الجهاد، ويعمروا أموالهم، وأما هذا، فهو الذي قال الله تعالى