تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ٣٥٢
و المقاوم، قال مجاهد، و قتادة: المراد بالأنداد: الأوثان (1) (كحب الله)، أي: كحبكم لله، أو كحبهم حسبما قدر كل وجه منها فرقة، و معنى: كحبهم، أي: يسوون بين محبة الله، و محبة الأوثان، ثم أخبر أن المؤمنين أشد حبا لله، لإخلاصهم، و تيقنهم الحق.
و قوله تعالى: (ولو ترى الذين ظلموا)، أي: و لو ترى، يا محمد، الذين ظلموا في حال رؤيتهم العذاب، و فزعهم منه، و استعظامهم له، لأقروا أن القوة لله، أو لعلمت أن القوة لله جميعا، فجواب " لو ": مضمر، على التقديرين (2)، و قد كان النبي صلى الله عليه و آله وسلم / علم

(١) أخرجه الطبري (٢ / ٧١) برقم (٢٤١٤ - ٢٤١٥) بإسنادين مختلفين أحدهما: عن قتادة، و مجاهد بلفظ:
" من الكفار لأوثانهم ". و ذكره ابن عطية (١ / ٢٣٤) و السيوطي في " الدر " (١ / ٣٠٣ - ٣٠٤).
(٢) جواب " لو " محذوف، واختلف في تقديره، و لا يظهر ذلك إلا بعد ذكر القراءات الواردة في ألفاظ هذه الآية الكريمة: قرأ ابن عامر و نافع: " و لو ترى " بناء الخطاب، " أن القوة " و " أن الله " بفتحهما، و قرأ ابن عامر: " إذ يرون " بضم الياء، و الباقون بفتحهما. وقرأ ابن كثير و أبو عمرو و الكوفيون: " ولو يرى " بياء الغيبة، " أن القوة " و " أن الله " بفتحهما، و قرأ الحسن و قتادة و شيبة و يعقوب و أبو جعفر: " و لو ترى " بالخطاب، " إن القوة " و " إن الله " بكسرهما، و قرأت طائفة: " و لو يرى " بياء الغيبة، " إن القوة " و " إن الله " بكسرهما. إذا تقرر ذلك فقد اختلفوا في تقدير جواب لو، فمنهم من قدره قبل قوله: " أن القوة " و منهم من قدره بعد قوله: " و أن الله شديد العذاب " و هو قول أبي الحسن الأخفش و المبرد.، أما من قدره قبل " أن القوة " فيكون " أن القوة " معمولا لذلك الجواب. و تقديره على قراءة ترى - بالخطاب - و فتح أن و أن: لعلمت أيها السامع أن القوة لله جميعا، و المراد بهذا الخطاب: إما النبي عليه السلام و إما كل سامع. و على قراءة الكسر في " إن " يكون التقدير: لقلت إن القوة لله جميعا، و الخلاف في المراد بالخطاب كما تقدم، أو كون التقدير: لاستعظمت حالهم، و إنما كسرت " إن " لأن فيها معنى التعليل نحو قولك: لو قدمت على زيد لأحسن إليك إنه مكرم للضيفان، فقولك: " إنه مكرم للضيفان " علة لقولك:
" أحسن إليك ".
و قال ابن عطية: " تقديره: و لو ترى الذين ظلموا في حال رؤيتهم العذاب و فزعهم منه و استعظامهم له لأقروا أن القوة لله جميعا ".
و ناقشه الشيخ فقال: " كان ينبغي أن يقول: في وقت رؤيتهم العذاب فيأتي بمرادف " إذ " وهو الوقت لا الحال، و أيضا فتقديره لجواب " لو " غير مرتب على ما يلي " لو " لأن رؤية السامع أو النبي عليه السلام الظالمين في وقت رؤيتهم لا يترتب عليها إقرارهم بأن القوة لله جميعا، و هو نظير قولك: " يا زيد لو ترى عمرا في وقت ضربه لأقر أن الله قادر عليه " فإقراره بقدرة الله ليست مترتبة على رؤية زيد. انتهى.
و تقديره على قراءة " يرى " بالغيبة: لعلموا أن القوة، إن كان فاعل " يرى " الذين ظلموا "، و إن كان ضميرا يعود على السامع فيقدر: لعلم أن القوة.
و أما من قدره بعد قوله: شديد العذاب فتقديره على قراءة " ترى " بالخطاب: لاستعظمت ما حل بهم و يكون فتح " أن " على أنه مفعول من أجله، أي: لأن القوة لله جميعا، و كسرها على معنى التعديل نحو:
" أكرم زيدا إنه عالم، و أهن عمرا إنه جاهل "، أو تكون جملة معترضة بين " لو " وجوابها المحذوف.
و تقديره على قراءة، " ولو يرى " بالغيبة إن كان فاعل " يرى " ضمير السامع: لاستعظم ذلك، و إن كان فاعله
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 5
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 9
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 12
4 2 - ولي الدين العراقي 13
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 14
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 17
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 19
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 19
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 19
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 20
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 21
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 22
13 11 - علي بن موسى البجائي 22
14 12 - البساطي 23
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 23
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 23
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 23
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 24
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 25
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 25
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 26
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 29
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 30
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 32
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 33
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 33
27 - مصنفات الثعالبي 36
28 - ثناء العلماء عليه 38
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 40
30 - التفسير لغة 40
31 - التفسير اصطلاحا 41
32 - التأويل لغة 42
33 - التأويل اصطلاحا 43
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 44
35 - حاجة الناس إلى التفسير 46
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 50
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 52
38 1 - علي بن أبي طالب 52
39 2 - عبد الله بن مسعود 53
40 3 - أبي بن كعب 55
41 4 - عبد الله بن عباس 56
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 59
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 60
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 62
45 1 - سعيد بن جبير 62
46 2 - مجاهد بن جبر 66
47 3 - عكرمة 67
48 4 - طاووس 70
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 74
50 1 - أبو العالية 74
51 2 - محمد بن كعب القرظي 75
52 3 - زيد بن أسلم 75
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 76
54 1 - علقمة بن قيس 76
55 2 - مسروق 77
56 3 - عامر الشعبي 77
57 4 - الحسن البصري 78
58 5 - قتادة 79
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 81
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 82
61 - التفسير في عصر التدوين 82
62 - اقسام التفسير 83
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 83
64 - ابن جرير الطبري 84
65 - طريقة الطبري في التفسير 85
66 - الاتجاه اللغوي 86
67 - الاتجاه البياني 88
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 91
69 1 - مصادر من كتب التفسير 91
70 2 - كتب غريب القران والحديث 94
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 95
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 95
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 96
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 96
75 8 - في الأسماء والصفات 97
76 9 - ومن كتب التاريخ 97
77 10 - كتب أخرى منثورة 97
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 98
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 99
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 100
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 101
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 102
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 103
84 6 - ذكره لأسباب النزول 104
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 105
86 8 - احتجاجه بالشعر 108
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 109
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 113
89 - نماذج من صور مخطوطات الكتاب 115
90 - مقدمة المؤلف 117
91 - باب في فضل القران 123
92 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 135
93 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 138
94 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 145
95 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 148
96 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 150
97 - باب في الاستعاذة 154
98 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 156
99 - تفسير فاتحة الكتاب 161
100 - تفسير سورة البقرة 174