و اختلف المفسرون في المعنى الذي استعير له " الصراط " في هذا الموضع: فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الصراط المستقيم هنا القرآن (1)، وقال جابر: هو الإسلام، يعني الحنيفية (2).
وقال محمد بن الحنفية (3): هو دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره (4).
وقال أبو العالية: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر، أي: الصراط المستقيم طريق محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر (5)، وهذا قوي في المعنى، إلا أن تسمية أشخاصهم طريقا فيه تجوز، ويجتمع من هذه الأقوال كلها أن الدعوة هي أن يكون الداعي على سنن المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في معتقداته، وفي التزامه لأحكام شرعه، وذلك هو مقتضى القرآن والإسلام، وهو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.
وهذا الدعاء إنما أمر به المؤمنون، وعندهم المعتقدات، وعند كل واحد بعض الأعمال، فمعنى قوله: (اهدنا) فيما هو حاصل عندهم: التثبيت والدوام، و فيما ليس بحاصل، إما من جهة الجهل به، أو التقصير في المحافظة عليه: طلب الإرشاد إليه، فكل