وأفاض الناس من عرفات إلى منى أي دفعوا، وكل دفعة إفاضة. " كفى به شهيدا " نصب على التمييز. " بيني وبينكم " أي هو يعلم صدقي وأنكم مبطلون. " وهو الغفور " لمن تاب " الرحيم " بعباده المؤمنين.
قوله تعالى: قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين (9) قوله تعالى: " قل ما كنت بدعا من الرسل " أي أول من أرسل، قد كان قبلي رسل، عن ابن عباس وغيره. والبدع: الأول. وقرأ عكرمة وغيره " بدعا " بفتح الدال، على تقدير حذف المضاف، والمعنى: ما كنت صاحب بدع. وقيل: بدع وبديع بمعنى، مثل نصف ونصيف. وأبدع الشاعر: جاء بالبديع. وشئ بدع (بالكسر) أي مبتدع.
وفلان بدع في هذا الامر أي بديع. وقوم أبداع، عن الأخفش. وأنشد قطرب قول عدي بن زيد:
فلا أنا بدع من حوادث تعتري * رجالا غدت من بعد بؤسى بأسعد (1) " وما أدري ما يفعل بي وبكم " يريد يوم القيامة. ولما نزلت فرح المشركون واليهود والمنافقون وقالوا: كيف نتبع نبيا لا يدري ما يفعل به ولا بنا، وأنه لا فضل له علينا، ولولا أنه ابتدع الذي يقوله من تلقاء نفسه لأخبره الذي بعثه بما يفعل به، فنزلت " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " (2) [الفتح: 2] فنسخت هذه الآية، وأرغم الله أنف الكفار. وقالت الصحابة: هنيئا لك يا رسول الله، لقد بين الله لك ما يفعل بك يا رسول الله، فليت شعرنا ما هو فاعل بنا؟ فنزلت " ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار " (3) [الفتح: 5] الآية.
ونزلت " وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا " (4) [الأحزاب: 47]. قاله أنس وابن عباس وقتادة والحسن وعكرمة والضحاك. وقالت أم العلاء امرأة من الأنصار: اقتسمنا المهاجرين فطار لنا عثمان