والتقوى. وقال عمر رضي الله عنه: أذهب عن قلوبهم الشهوات. والامتحان افتعال من محنت الأديم محنا حتى أوسعته. فمعنى امتحن الله قلوبهم للتقوى وسعها وشرحها للتقوى.
وعلى الأقوال المتقدمة: امتحن قلوبهم فأخلصها، كقولك: امتحنت الفضة أي اختبرتها حتى خلصت. ففي الكلام حذف يدل عليه الكلام، وهو الاخلاص. وقال أبو عمرو:
كل شئ جهدته فقد محنته. وأنشد:
أتت رذايا باديا كلالها * قد محنت واضطربت آطالها (1) " لهم مغفرة وأجرا عظيما ".
قوله تعالى: إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون (4) قال مجاهد وغيره: نزلت في أعراب بني تميم، قدم الوفد منهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلوا المسجد ونادوا النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته أن اخرج إلينا، فإن مدحنا زين وذمنا شين. وكانوا سبعين رجلا قدموا الفداء ذراري لهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم نام للقائلة. وروي أن الذي نادي الأقرع بن حابس، وأنه القائل: إن مدحي زين وإن ذمي شين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ذاك الله]. ذكره الترمذي عن البراء بن عازب أيضا. وروى زيد بن أرقم فقال: أتى أناس النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل، فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس باتباعه، وإن يكن ملكا نعش في جنابه (2). فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه وهو في حجرته:
يا محمد، يا محمد، فأنزل الله تعالى هذه الآية. قيل: إنهم كانوا من بني تميم. قال مقاتل:
كانوا تسعة عشر: قيس بن عاصم، والزبرقان بن بدر، والأقرع بن حابس، وسويد بن هاشم، وخالد بن مالك، وعطاء بن حابس، والقعقاع بن معبد، ووكيع بن وكيع، وعيينة بن حصن