قوله تعالى: إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم (36) إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم (37) قوله تعالى: " إنما الحياة الدنيا لعب ولهو " تقدم في " الانعام " (1). " وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم " شرط وجوابه. " ولا يسألكم أموالكم " أي لا يأمركم بإخراج جميعها في الزكاة، بل أمر بإخراج البعض، قاله ابن عيينة وغيره. وقيل: " لا يسألكم أموالكم " لنفسه أو لحاجة منه إليها، إنما يأمركم بالانفاق في سبيله ليرجع ثوابه إليكم.
وقيل: " لا يسألكم أموالكم " إنما يسألكم أمواله، لأنه المالك لها وهو المنعم بإعطائها.
وقيل: ولا يسألكم محمد أموالكم أجرا على تبليغ الرسالة. نظيره " قل ما أسألكم عليه من أجر " (2) [الفرقان: 57] الآية. " إن يسئلكموها فيحفكم " يلح عليكم، يقال: أحفى بالمسألة وألحف وألح بمعنى واحد. والحفي المستقصي في السؤال، وكذلك الاحفاء الاستقصاء في الكلام والمنازعة.
ومنه أحفى شاربه أي استقصى في أخذه. " تبخلوا ويخرج أضغانكم " أي يخرج البخل أضغانكم. قال قتادة: قد علم الله أن في سؤال المال خروج الأضغان. وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن محيصن وحميد " وتخرج " بتاء مفتوحة وراء مضمومة. " أضغانكم " بالرفع لكونه الفاعل. وروى الوليد عن يعقوب الحضرمي " ونخرج " بالنون. وأبو معمر عن عبد الوارث عن أبي عمرو " ويخرج " بالرفع في الجيم على القطع والاستئناف. والمشهور عنه " ويخرج " كسائر القراء، عطف على ما تقدم.
قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم (38)