الثالثة - قد مضى في " آل عمران " ما تضمنته الشورى من الاحكام عند قوله تعالى: " وشاورهم في الامر " (1) [آل عمران: 159]. والمشورة بركة. والمشورة: الشورى، وكذلك المشورة (بضم الشين)، تقول منه: شاورته في الامر واستشرته بمعنى. وروى الترمذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها). قال حديث غريب. " مما رزقناهم ينفقون " أي ومما أعطيناهم يتصدقون. وقد تقدم في " البقرة " (2).
قوله تعالى: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون (39) وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين (40) ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل (41) إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم (42) ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور (43) فيه إحدى عشرة مسألة:
الأولى - قوله تعالى: " والذين إذا أصابهم البغي " أي أصابهم بغي المشركين.
قال ابن عباس: وذلك أن المشركين بغوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه وآذوهم وأخرجوهم من مكة، فأذن الله لهم بالخروج ومكن لهم في الأرض ونصرهم على من بغى عليهم، وذلك قوله في سورة الحج: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم